محمد الروحلي
TT

مواجهة كندا... الحذر مطلوب!

«مسارنا حتى الآن جيد جداً، حققنا التعادل أمام كرواتيا، فزنا على بلجيكا، ورسالتي إليكم أنتم الأبطال: لنوقف اللحظة كل مظاهر الاحتفال، ولنقلل ما أمكن من التفاعل، قطعنا شوطاً مهماً؛ لكن لنكن حذرين، ونحن ننهي الدور الأول بمواجهة منتخب كندا».
بهذا الخطاب الواضح والصريح والمحفز، خاطب مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي لاعبيه، فسقف الطموحات علا، والأماني ارتفعت ارتفاع جبال الأطلس الشامخة، والآمال أصبحت عريضة، ومساحة الحلم تملأ كل الفضاءات، وتغطي كل ربوع الوطن العربي.
وعليه، لا بد من الاحتراس، والتحلي بكثير من الحذر، فأعقد المواجهات تكمن في سهولتها، وكندا خصم جريح ليس لديه ما يخسره، يبحث فقط عن حفظ ماء الوجه، وهنا تكمن صعوبة المهمة.
نتيجة الفوز -أو التعادل في أسوأ الحالات- تؤمِّن المرور للدور الثاني. لن نتحدث هنا عن حسابات تلقي الهزيمة، فهذا شعور محبط لا يليق بشجاعة وعنفوان «الأسود».
كندا واحد من المنتخبات المغادرة مبكراً، بعد تلقي هزيمتين متتاليتين، بفعل سذاجة تكتيكية واضحة، وتسعى لتقديم أفضل عروضها وهي تودِّع، وحتى إن كانت تشعر بخيبة أمل ويأس، فإنها تطمح لكسب ولو نقطة واحدة، تلغي أصفاراً تلازم حصيلتها المونديالية، وهذا ما يجعل النزال غير سهل بالنسبة لأصدقاء العميد غانم سايس.
سقنا كل هذه المعطيات، وما يرتبط بالحيثيات المحيطة بمباراة اليوم، لندخل لاعبي المنتخب المغربي في صلب الموضوع. صحيح أنهم محترفون؛ ممارسة وتفكيراً وسلوكاً، وأن خطاب الطاقم الفني وصل؛ لكن تبقى لغة الإعلام، بوصفها أداة عاكسة لرغبة وشعور وطموح الملايين من العشاق، لها قيمتها وتأثيرها الإيجابيين.
الأكيد أن عدد المناصرين سيفوق بكثير الرقم المسجل خلال الجولتين الأولى والثانية، والأخبار تتحدث عن قدوم الآلاف مباشرة من المغرب، ومن بقية الدول. الكل سيعمل على تحفيز اللاعبين، وهو يردد كالعادة العبارة المألوفة: «سير، سير، سير»، وتعني بالدارجة المغربية: واصلوا السير إلى الأمام.
مواصلة السير بخطى الواثق بالنفس، تمر عبر تزعُّم المجموعة السادسة، تحسباً للطابع الحاسم للمواجهات القادمة، وتفادياً لاصطدام محتمل مع إسبانيا؛ الثور الهائج الذي يدهس خصومه بلا رحمة.
فالمونديال يتطلب بالنسبة للطامحين في الذهاب بعيداً، تدبيراً خاصاً، ومراعاة جيدة لأدق التفاصيل، والوقوف على أبرز المعطيات ودلالات الأرقام، فالربان المتمكن من مهنته يظهر حنكته في الوقت الحاسم؛ والركراكي أظهر حتى الآن تدبيراً موفقاً على أكثر من مستوى.
موعد جديد مع التاريخ، فالعبور نحو مرحلة متقدمة مطلب لم يتحقق منذ عقود، والفرصة مواتية لربط ماضٍ كُتب بمداد الفخر، مع حاضر يعِد بعطاء أفضل.