أحمد شوبير
TT

الحظ الضائع

الإثارة حاضرة في مونديال العرب... النتائج والأداء والمنافسات والمفاجآت عناوين تتصدر المشهد المونديالي بكل قوة؛ لكن تبقى ظواهر وعلامات أكثر حضوراً وأكثر قوة.

* رهان تيتي العجيب
في البرازيل، راهن تيتي، المدير الفني لمنتخب «السامبا» رهاناً كان من الممكن أن يجهز عليه بوصفه مدرباً؛ بل ويهدد مسيرته. راهن الرجل على ريتشارلسون مهاجم توتنهام هوتسبير الإنجليزي، الذي صام عن التهديف لفترة طويلة مع فريقه بالدوري الإنجليزي قبل المونديال، ما دفع إلى حالة قلق إعلامي وجماهيري حول إصرار تيتي عليه، ليربح الرجل الرهان، ويقدم ريتشارلسون نفسه في بدلة القائد المخضرم الذي يمكنه قيادة منتخب بلاده للذهاب بعيداً في البطولة، على الرغم من وجود نيمار، وما أدراك ما نيمار!

* الكلاسيكي يخسر كل شيء
وبكل أمانة، معظم المدربين اختاروا المدارس التكتيكية الكلاسيكية، والكل عزف على أوتار إمكاناته، وهي نظرة واقعية بلا شك؛ لكن أكثر مدرب تمسك بالكلاسيكية البحتة فخسر كل شيء هو فيليكس سانشيز، مدرب المنتخب القطري. اعتمد على مجموعة اللاعبين نفسها، بالشكل التكتيكي نفسه الذي استمر معهم لسنوات بطريقة إدارة المباريات نفسها، حتى في مواعيد وعناصر التبديلات، فخسر في المباراتين: الأولى أمام الإكوادور، والثانية أمام السنغال، في ظهور ربما يكتب به سطر الختام في مسيرة هذا الجيل الذي فاز معه بأمم آسيا 2019 بالإمارات؛ لكنه لم يدرك أنه حتى في الكرة «لكل مقام مقال، ولكل حدث حديث».

* الخاسر الأكبر
وإذا كان منتخب قطر قد خسر كروياً وعلى المستوى التكتيكي، فإن المنتخب الألماني خسر أكثر من خسائر الكرة بمراحل. إصرار الألمان على تبني قضية خاسرة على المستوى الإنساني والبشري والفطري، أودى بمنتخبهم لخسارة مكان ومكانة في قلوب كثير من محبيه على مستوى العالم. منتخب ألمانيا هو المنتخب المرشح في كل نسخة للفوز باللقب؛ أياً كان مستواه، فهو القادر دائماً على أن يأتي بماكيناته من بعيد؛ لكنه في هذه النسخة سقط سقوطاً مدوياً، وفقد شعبية جارفة؛ لن أكون مبالغاً إذا قلت إن جزءاً منها في الشارع الألماني نفسه الذي رفض معظمه تبني منتخب بلاده مثل هذه القضية الفاشلة.

* المفاجأة
المفاجأة السارة في هذا المونديال بكل حيادية حتى الآن هو منتخب الإكوادور. مقاتل مشاكس يملك من الثقة والإصرار ما يكفيه لمواصلة مشوار جيد جداً في البطولة. يقوده فالينسيا الجاد الذي لا يعرف «الهزار»، وله من التقدير في نفوس زملائه ما يفسح الطريق أمام قائد متميز لمنتخب قد يكون أحد الخيول السوداء في البطولة.

* الإنجليز ضد التطور
عجب العجاب في كل مونديال هو المنتخب الإنجليزي. وعلى الرغم من أن كل الظروف في هذه النسخة كانت تحمل أخباراً سارة للجماهير الإنجليزية من حيث استقرار وجاهزية منتخبهم، حتى على مستوى «أهل الدكة» الذي يمثلون قامات أساسية في أنديتهم، فإنهم لم يقدموا حتى الآن الكرة المختلفة الجميلة السريعة المثيرة التي تشعرك بأن إنجلترا نسخة 2022 مختلفة. ومع ذلك ما زال الباب مفتوحاً أمامهم، كما هو مفتوح أيضاً أمام منتخب هولندا الذي لم يقدم ما كان منتظراً منه حتى الآن، ليبقى الرهان كبيراً أمام ساوثغيت وفان غال في قادم المواجهات.

* اللعبة الحلوة
تبقى إسبانية حتى الآن، بمنتخب معظمه من عناصر شابة، ومعهم فيران توريس، أحد هدافي البطولة حتى الآن.

* اللغز
كيروش يبقى اللغز الأكبر بوصفه مديراً فنياً، ربما على مستوى الوسط الجماهيري المصري أكثر، بعدما كان الانقسام عليه كبيراً وغير مسبوق وقتما كان مديراً فنياً لمنتخب «الفراعنة». ومع الهزيمة القاسية من المنتخب الإنجليزي، انتصر مناهضوه لوجهة نظرهم؛ ثم إذا هو نفسه فجأة يحقق أكبر مفاجأة، ويهزم ويلز بهدفين نظيفين يفتحان له الباب الكبير للتأهل للدور الثاني من المنافسات.

* الحلم العربي
بدأ حلماً جميلاً بأطياف الزحف بكل قوة وكفاءة نحو الأدوار التالية، مع منتخبات السعودية وتونس والمغرب، بعد خروج منتخب قطر من السباق؛ لكن تعثرت تونس أمام أستراليا، والسعودية أمام بولندا، في صدمة لم تكن منتظرة؛ خصوصاً مع «الأخضر» الذي أذهل العالم أمام الأرجنتين، وانعكست حالة النشوة والحب والفرحة والحلم الكبير من مدرجاته وعلى مستوى جماهيره، في كل ربوع الوطن العربي، وحتى حالة الحب الرائعة بين اللاعبين والمدرب والجمهور؛ لكن الرياح أتت معاكسة أمام بولندا فغاب الحظ عن «الأخضر»؛ لكن بقي الحب الكبير والاحترام الأكبر من العالم كله لكتيبة أبطال السعودية. وتبقى الأماني ممكنة، على الرغم من كل شيء، لتونس والسعودية ومعهما «أسود أطلس» بإذن الله.
إجمالاً، نجح مدربون ولاعبون ومنتخبات في امتحان المونديال حتى الآن؛ بينما خسر أقرانهم في الامتحان نفسه، وتبقى لهم فرصة الجولة الأخيرة في دور المجموعات.