هاني عبد السلام
مسؤول قسم الرياضة
TT

الأخضر والكرة التي نتمناها

الانتصار المدوي الذي حققه المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي وكتيبة النجوم العالميين (2 - 1) في المونديال القطري، ذكّرنا بلحظات قليلة وفريدة جلبت السعادة للجماهير العربية في تاريخ كأس العالم.
لقد جاء الفوز السعودي ليعيد عقارب الساعة إلى الوراء مذكّراً الجماهير بهدف سعيد العويران التاريخي في شباك المنتخب البلجيكي بمونديال أميركا 1994 والذي قاد (الأخضر) للدور الثاني في سابقة تاريخية، وأيضاً بالانتصار الصاعق للجزائر على ألمانيا الغربية (2 - 1) في مونديال 1982. ما أجمل أن يكون الانتصار مقروناً بعرض قوي، وما أحلاه عندما يكون على منافس من العيار الثقيل ومرشح دائم للمنافسة على الألقاب الكبرى... لذا يحق للمنتخب السعودي وجماهيره أن تحتفل وتغني وتبدع في إطلاق «الهاشتاغات» اللطيفة التي لا تخلو من مسحة ساخرة من أبطال عالميين أمثال ميسي ودي ماريا وغيرهما.
نعم لقد لعب المنتخب السعودي شوطاً أول وضع فيه جمهوره الأيادي على القلوب؛ خشية الخسارة بنتيجة كبيرة بعد اهتزاز شباكهم بهدف أول، إلا أن العرض الرائع في الشوط الثاني جعل كل المتابعين بالملعب وخلف التلفاز في مختلف البلدان العربية، يقفزون فرحاً ليس فقط لقلب التخلف بهدف إلى انتصار بهدفين، بل للسيطرة التي فرضها «الأخضر»، وتاه بعدها الفريق الأرجنتيني بحثاً عن إثبات وجوده.
ما صرح به نجوم المنتخب السعودي عقب اللقاء عما قاله مدربهم من كلمات خلال فترة الراحة بين شوطي المباراة، وكان لها مفعول السحر، يؤكد أن الفرنسي إيرفي رينار ليس مديراً فنياً عادياً، بل أيضاً خبيراً نفسياً، حوّل رهبة وقلق الشوط الأول إلى حماس وشجاعة لا مثيل لهما، فحقق رجاله ما لا كان يتوقع أحد.
لاعب الوسط عبد الإله المالكي وصف مدربه بالمجنون... كيف كانت كلمات الفرنسي مؤثرة في نفوس اللاعبين، لقد دخلنا الشوط الثاني والجميع مستعد لأكل عشب الملعب.
كان إيرفي رينار أيضاً محقاً عندما أشار إلى أن مواجهة ميسي وكتيبة نجوم الأرجنتين فرصة لا تتكرر كثيراً، لذا فمن الأفضل أن يستعرض فريقه ويحاول ويحاول؛ لأنّ الخوفَ لا ينفع... ولأن النتائج دائماً ما تنحاز للشجعان فقد كان الفريق السعودي بكل رجاله -دفاعاً وهجوماً- شجاعاً ويستحق هذا الإنجاز التاريخي... والأجمل أنه قدم في الشوط الثاني الكرة التي يتمنى كل الجمهور رؤيتها.
نحلم أن يتحلى كل مدربي المنتخبات العربية المشاركة في المونديال، بروح المغامرة التي يبثها رينار في لاعبيه... الوجود في المحفل العالمي فرصة للاستعراض، ربما لا يعتقد أي مراقب أن بمقدور فريق عربي المنافسة على الألقاب الكبيرة، لكن ليس هناك ما يمنع أن نقدم عروضاً نحتفل ونتغنى بها.
بمجرد أن أعلن الحكم انتهاء المباراة بانتصار السعودية، توالت الإحصائيات عن أكبر المفاجآت في تاريخ نهائيات كأس العالم، خاصة بعد أن حرم الأخضر منافسه الأرجنتيني من الاحتفاظ بسجله الخالي من الهزائم عبر 36 مباراة ومنذ يوليو (تموز) 2019... هل خسارة إنجلترا أمام الولايات المتحدة (صفر-1) عام 1950، أم فوز كوريا الشمالية على إيطاليا (1-صفر) عام 1966، أو الجزائر على ألمانيا الغربية (2-1) في إسبانيا عام 1982، أو السنغال على فرنسا (1-صفر) (حاملة لقب 1998) في مونديال 2002.
وفي بطولة أشار كثير من الخبراء ومراكز التوثيق إلى أنها مرشحة لتكون الأكبر من حيث المفاجآت... نأمل من العرب المشاركين أن تتواصل مفاجآتهم، ويواصل المنتخب السعودي طريق الانتصارات وإسعاد الجماهير بعروض الشجعان.