ليزا جارفيس
TT

«موديرنا» و«فايزر» وقضايا براءات الاختراع

أقدمت شركة «موديرنا» على رفع دعوى قضائية ضد شركتي «فايزر» و«بيو إن تك»، مدعية أن التقنية المستخدمة في الجرعات المضادة لفيروس «كوفيد - 19» تنتهك براءات اختراع الحمض النووي الريبوزي المرسال الخاصة بها. لا شك أن المعركة القانونية سوف تكون طويلة ومكلفة. ما لن تفعله هو إبطاء وتيرة الابتكار في الحمض النووي الريبوزي المرسال، إذا كانت السجالات القانونية لأداة «كريسبر» لتعديل الجينات تعد دليلاً إلى ذلك. أيضاً أن اللقاحات والعلاجات التي تستخدم تقنيات متنازع عليها تواصل التقدم باستمرار، وسوف تظهر التطورات الجديدة التي تُحسن من براءات الاختراع الخاصة بـ«موديرنا» وتتجنب الصدام مع الشركة قدر الإمكان.
تزعم «موديرنا» أن منافسيها يسيئون استغلال ملكيتها الفكرية في مجالين؛ الأول، يتعلق بالتعديلات الكيميائية التي أجريت على الحمض النووي الريبوزي المرسال. وتستخدم تلك التعديلات في المعتاد لتثبيت استقرار الحمض ومنع ردود الفعل المناعية. والثاني، حول الأصداف الدهنية المستخدمة لتوصيل الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى الخلايا. وتلك النقطة الأخيرة هي منطقة مليئة بالدعاوى القضائية. وكانت شركتا «أربوتوس بيوفارما» و«جينيفانت ساينس» أول من حاول المطالبة بجانب من أرباح لقاح «كوفيد - 19» المفاجئ، إذ رفعتا دعوى قضائية ضد «موديرنا» بسبب تكنولوجيا الجزيئات النانوية الدهنية. ثم فاجأت شركة «النيلام للمستحضرات الصيدلانية» عالم التكنولوجيا الحيوية بمقاضاة «موديرنا» و«فايزر» بسبب مكون معين في هذه الأصداف الدهنية.
من المرجح أن دعوى «موديرنا» تصدر الآن لأنها سوف تحتاج قريباً إلى بيع لقاحها، ليس فقط لنوع واحد من العملاء - الوكالات الحكومية - وإنما أيضاً إلى السوق الأكثر تقليدية للمستحضرات الصيدلانية. وسوف يبدأ هذا التسويق مع تضاؤل الطلب على اللقاح الأصلي، وتناقص أي معززات جديدة. لكن في الوقت الذي تبدو فيه «موديرنا» تبحث عن جزء من الأرباح المفاجئة للقاح «فايزر»، فإن جهودها لن تمنع «فايزر»، أو «بايو إن تك»، أو أي شركة أخرى، من دفع الحمض النووي الريبوزي المرسال إلى مناطق مرضية أخرى. ويشير تحليل أجرته مؤسسة «بلومبرغ» إلى أنه في حال نجاح هذه الخطوة، يمكن لـ«موديرنا» الحصول، على الأقل، على متوسط عوائد لا تتجاوز رقم واحد من مبيعات لقاحات «كوفيد» في الماضي والمستقبل.
يقول البروفسور جاكوب شيركو، أستاذ القانون في جامعة إلينوي، «يغير المال الاتجاهات، ومحامو براءات الاختراع سيحصلون على أجورهم. لكن من الصعب حقاً، ربما باستثناء الهوامش، التفكير في حرمان شخص ما حقه من هذه التكنولوجيا».
يقدم «كريسبر» دليلاً جيداً حول كيفية حدوث ذلك. المشكلات القانونية التي تملك المؤسسات - جامعة كاليفورنيا أو معهد «برود» التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد - الملكية الفكرية لـ«كريسبر» قد استمرت على مدى عقد من الزمان. لم يتباطأ الابتكار، ولكن عندما اُتخذ القرار النهائي لمصلحة «معهد برود» في شهر فبراير (شباط)، شعرت الشركات التي كانت قد رخصت الملكية الفكرية الخاصة بها من نظام كاليفورنيا بصدمة شديدة. أما شركة «إنتيليا ثيرابيوتيكس»، التي كان من المفترض أن تستفيد إلى حد كبير من البيانات المتميزة عن علاجها «كريسبر» الرائد، فقد شهدت أسهمها انخفاضاً كبيراً إثر ذيوع أخبار براءات الاختراع. لكن هذا الألم مؤقت. ويتوقع معظم الناس التوصل إلى ترتيب للترخيص.
بل إن هذه المعارك القانونية كانت سبباً في تشجيع الابتكار في مجال تعديل الجينات. كان الاستكشاف العلمي مدفوعاً في المقام الأول بالحاجة إلى حل القيود التي تفرضها التكنولوجيا الأصلية. كما دُفعت إلى الأمام من قبل الشركات التي تحاول اقتطاع نصيبها الخاصة من «كريسبر آي بي». وكما يشير البروفسور شيركو، فإن الصناعة لديها أمثلة، حيث أسفرت قيود براءات الاختراع ربما عن إبطاء الابتكار. من المحتمل أن يؤدي القيد الذي فرضته شركة «النيلام» على «الملكية الفكرية» حول تقنية تسييج (إسكات) الجينات المعروفة باسم «سيرنا» إلى إبعاد اللاعبين الأصغر حجماً عن الملعب. حتى اللاعبين الكبار الذين احتشدوا لفترة قصيرة بشأن «سيرنا» قد تخلوا عن التكنولوجيا، واستغرق الأمر 16 عاماً للوصول إلى العقار الأول. ولا تزال «النيلام» تُهيمن على تلك الساحة.
لكن الحمض النووي الريبوزي المرسال يبدو أكثر وضوحاً بكثير في أن العديد من الشركات تعمل على اللقاحات والعلاجات التي تستخدم تلك التكنولوجيا. وقد يفوز المحامون في هذا الصدد، لكن لحسن الحظ، لن يخسر المرضى شيئاً.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»