جوش روغين
صحفي أميركي
TT

«داعش» تتمدد سريعًا في جنوب شرقي آسيا

عزز تنظيم داعش من نشاطه في جنوب شرقي آسيا بحيث أصبح هناك الآن وحدة كاملة من الإرهابيين، الذين تم تجنيدهم من إندونيسيا، وماليزيا، وسنغافورة، حسب ما ذكر لي هسين لونغ رئيس وزراء سنغافورة.
وقال لي أثناء حضوره مؤتمر «شانغري لا ديالوغ» في سنغافورة يوم الجمعة: «أصبح جنوب شرقي آسيا الآن مركز تجنيد أساسيا بالنسبة إلى تنظيم داعش»، وأضاف أن العدد شمل نحو 500 مقاتل إندونيسي إضافة إلى العشرات من ماليزيا لدرجة أنهم باتوا يشكلون وحدة قتالية مستقلة أطلق عليها اسم كتيبة «نوسانترا» أو كتيبة «أرخبيل الملايو القتالية».
حتى في هذه الدولة المدنية محكمة السيطرة، سافر «قلة» من الشباب اليافع إلى سوريا للانضمام لـ«داعش»، في حين تم اعتراض آخرين أثناء محاولتهم مغادرة البلاد للحاق بزملائهم، حسب إفادة رئيس الوزراء السنغافوري. وكشف «لي» أن السلطات السنغافورية قد ألقت القبض مؤخرًا على طالبين، أحدهما يبلغ من العمر 17 عاما، والآخر 19. حيث خطط الأخير لاغتيال مسؤولين حكوميين سنغافوريين حال فشله في الوصول لمنطقة الشرق الأوسط.
وأردف «لي»: «لهذا السبب تأخذ سنغافورة الإرهاب، خاصة إرهاب داعش، على محمل الجد؛ فالإرهاب لم يعد فقط هناك، بل هنا أيضا».
وكشف «لي» أن تنظيم داعش قد عرض مقاطع مصورة دعائية لتجنيد الشباب ظهر فيها أطفال يتحدثون لغة الملايو أثناء التدريب على استخدام الأسلحة داخل منطقة خاضعة لسيطرة الجماعة الإرهابية، وأنه تم التعرف على هوية اثنين من الماليزيين ظهرا في مقطع آخر، وهما يضربان عنق رجل سوري.
واستطرد قائلا إن الشرطة الماليزية قد ألقت القبض على الكثير من الشباب الذين حاولوا السفر إلى سوريا للانضمام للجماعة الإرهابية، ومن بينهم بعض المنتسبين للجيش الماليزي، ومنهم من خطط للقيام بتفجيرات داخل ماليزيا. وفي سياق متصل، أعلنت الكثير من الجماعات المتشددة في جنوب شرقي آسيا مبايعتها لـ«داعش» منها «الجماعة الإسلامية» في إندونيسيا، التي يتزعمها أبو بكر باعشير، الذي أعلن مبايعته لتنظيم داعش هو الآخر من داخل محبسه العام الماضي.
وكان تنظيم داعش قد أعلن عزمه إقامة منطقة «خلافة» تابعة له جنوب شرقي آسيا، مما جعل «لي» يعلق بقوله «أضغاث أحلام»، إلا أنه حذر أنه من الوارد استخدام الجماعة الإرهابية لبعض المناطق غير الخاضعة لسيطرة الدولة لتكون موطئ قدم لها، ومن ثم التوسع في عمليات التجنيد، والتخطيط لهجمات داخل تلك الدول المضيفة الجديدة: «وسوف يشكل ذلك تهديدا خطيرا على جنوب شرقي آسيا بالكامل»، حسبما ذكر «لي».
وابتداء من الجمعة القادم، سوف تشارك سنغافورة بطائرة «بوينغ كيه سي 135» في قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. ورغم رمزية المشاركة، يؤكد «لي» أن الحرب على داعش لا تزال في بدايتها، وقد تستمر لعقود قادمة حتى ننتصر كما هو الحال في الحرب الباردة. وأضاف «لي» في كلمته في المؤتمر قائلا: «أظن أن كارثة الإرهاب المتطرف سوف تحتاج 50 عاما فقط لتنتهي بالكامل». وأردف: «تذكروا أن انهيار الشيوعية السوفياتية، التي كانت هي الأخرى بمثابة طريق مسدود، استغرق 70 عاما، مع الوضع في الاعتبار أنها لم تكن تمثل توجها دينيا».
الإرهاب في جنوب شرقي آسيا ليس بالشيء الجديد، حيث لقي أكثر من 200 مواطن حتفهم في تفجيرات بالي عام 2002. وقد نجحت «الجماعة الإسلامية» في خطتها لتفجير مقار دبلوماسية في سنغافورة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 مباشرة؛ لكن الجديد في الأمر هو أن الجماعات الإرهابية في جنوب شرقي آسيا باتت الآن ترفع علم «داعش» الأسود، وأن هناك شبابا يافعا من المنطقة يقدمون التحية لهذا العلم، وهذا في حد ذاته يمثل مشكلة كبيرة.
تقتصر الحرب، التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب الآن، على الشرق الأوسط، إلا أن حرب المتشددين على الغرب لا تعرف الحدود الجغرافية. وإذا لم يظهر التحالف الدولي ضد تنظيم داعش المزيد من التعاون مع جنوب شرقي آسيا وغيرها من المناطق، فسوف تتوسع تلك الجماعة الإرهابية في عمليات التجنيد وفي هجماتها حول العالم.
* بالاتفاق مع خدمة «بلومبيرغ»