جوناثان برنستين
TT

هل غيّر خطاب بايدن الكبير من تفكير أي شخص؟

ألقى الرئيس جو بايدن خطاباً في وقت ذروة الخميس الماضي حول العنف الناجم عن استخدام السلاح، وجرى بث الخطاب من خلال شبكات البث الثلاث، وكذلك المحطات الأرضية.
مع تقدم الخطب الرئاسية، واحدة تلو الأخرى، بدا الأمر على ما يرام حيث قام بخلط بعض أهداف السياسة الطموحة، مع دعم أهداف متواضعة قد تحظى بالموافقة، وقد أضاف القليل من التهجم الجمهوري إلى هذا المزيج. لكن لماذا تُلقى مثل هذه الخطب؟
لا ندري ما الذي اعتقد موظفو البيت الأبيض أن بإمكانهم تحقيقه، لكننا نعلم أن التوقعات الكبيرة ستكون غير واقعية. فمن المستبعد أن تغير الخطب الرئاسية من آراء أي شخص بشأن السياسة العامة. كان هذا صحيحاً طوال فترة الاقتراع، وكان صحيحاً عندما يكون الرؤساء يتمتعون بشعبية، وكان صحيحاً أيضاً بالنسبة لرؤساء مثل رونالد ريغان، وبيل كلينتون، الذين كان يُعتقد عموماً أنهم متحدثون مفوهون. لكن بالنظر إلى حقيقة أن بايدن لا يحظى بشعبية في الوقت الحالي، وأن خطاب السياسة المباشر أمام الكاميرا ليس مصدر قوته، فما من سبب للاعتقاد بأنه سيغيّر آراء الناس. في الوقت نفسه، لا تؤدي هذه الخطابات عموماً إلى تحسين أرقام اقتراع الرئيس أو حث الناخبين على الاتصال بأعضاء الكونغرس لمطالبتهم بفعل ما يريده الرئيس.
يتمثل أحد الأهداف المعقولة في إبلاغ الموالين للحزب وأنصاره بشأن موقف لم يكونوا على دراية به من قبل. لكن سلامة استخدام السلاح ليست هي القضية، إذ يدعم جميع أعضاء الحزب الديمقراطي الأقوياء تقريباً موقف الحزب. ولن يكون لمثل هذه الخطابات تأثير كبير على أتباع الطرف الآخر الذين تقل احتمالية استماعهم للخطاب. (في حالة قيام أي شخص باستطلاع رأي مراقبي الخطاب، تذكر أن هناك تأثير اختيار، حيث من المرجح أن يستمع الأشخاص من حزب الرئيس للخطاب، وبالتالي سيشكلون الجزء الأكبر من المستجيبين). الشيء الوحيد الذي قد يؤثر في وضع الرؤساء لجدول الأعمال هو أنه يمكنهم في بعض الأحيان إقناع الناس بأن موضوع الخطاب هو موضوع مهم للغاية. لكن من غير المرجح أن يحدث هذا هنا، نظراً لأن عنف استخدام السلاح يهيمن بالفعل على العناوين الرئيسية والبرامج الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.
ربما لم يعرف موظفو البيت الأبيض أياً من هذا، وربما أنهم اعتقدوا أنهم قادرون على تحقيق المستحيل. لكنَّ هناك عدداً قليلاً من الأهداف المعقولة التي ربما كانت في أذهانهم، وأولها سيكون مجرد مسألة تمثيل. عندما يحدث شيء مهم، غالباً ما يشعر السياسيون بأنهم ملزمون بإعلام ناخبيهم بما يفعلونه رداً على ذلك. وهناك أيضاً توقعات إعلامية، وبينما تحدث بايدن بالفعل عدة مرات حول هذا الموضوع، فمن المحتمل أن يكون البيت الأبيض قد أراد تجنب انتقاد الصحافة له، لفشله في بذل كل ما في وسعه للنضال من أجل إجراءاته المقترحة. أو يمكن أن يكون حلفاء بايدن -في الكونغرس، وداخل الحزب، وبين النشطاء- يضغطون عليه ليقول المزيد. على سبيل المثال، قد يرغب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين في توفير غطاء لدعم مشروع قانون تسوية يعتقدون أنه يمكن تمريره، ولكنّ هذا قد يخيّب آمال النشطاء. في مثل هذه الحالات، قد تجعل قدرة الرئيس على نقل موقف الحزب صفقة من السهل بيعها للناخبين.
هل هناك احتمال آخر؟ نعم، سيجري انتقاد بايدن إذا لم يجرِ تمرير شيء في الكونغرس بغضّ النظر عمّا يفعله هو، ولكن إذا نجح شيء في الحصول على تصديق، فسوف ينسب بايدن الفضل في ذلك لنفسه -وربما يؤدي خطاب رفيع المستوى قبل تصويت الكونغرس إلى انحراف بعض النقاد، الذين قد يتساءلون عما إذا كان له أي علاقة بالتصديق على القرار. هذا سبب ثانوي لخطاب ما، لكنه قد يبدو مهماً لأولئك الموجودين في البيت الأبيض، الذين يتعيّن عليهم التعامل مع مثل هذه الأمور.
هذا ما يؤدي إلى سبب وجيه للغاية للقيام بهذه الخطابات: غالباً ما يكون هناك جانب سلبي ضئيل أو معدوم. في حين أن الوقت الرئاسي (ودعم الموظفين) ليس مورداً لانهائياً، فمن المحتمل أن ينطوي إلقاء هذا الخطاب على مقايضات بسيطة فقط. صحيح أن المشاركة الرئاسية رفيعة المستوى في مثل هذه القضايا يمكن أن تكون مستقطبة، لكنّ بايدن كان يدفع باتجاه إجراءاته المقترحة بطريقة أو بأخرى، ومن غير المرجح أن يؤدي هذا الخطاب إلى استقطاب حول القضية التي لم تكن لتحدث لولا ذلك.
لذا، حتى لو كانت الفوائد المحتملة هامشية في أحسن الأحوال، فلا يوجد سبب حقيقي لعدم المضيّ قدماً فيها.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»