روس دوثات
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

هل سيغادر الديمقراطيون السلطة قريباً؟

طيلة عهد ترمب، كانت الثيمة المتكررة للتعليقات الليبرالية أن حزبهم السياسي يمثل أغلبية أميركية واضحة، قد أحبطتها مؤسساتنا المناهضة للديمقراطية، وحُكم عليها بالعيش تحت حكم الأقلية المحافظة.
في السياق السياسي للفترة 2016 – 2020، كان هذا الاعتقاد مبالغاً فيه. نعم، فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية سنة 2016 بأغلبية ضئيلة من الأصوات الشعبية. لكن عدد الأميركيين الذين صوتوا لمرشحي الكونغرس الجمهوريين أكثر من مرشحي الكونغرس الديمقراطيين، وعدد الأميركيين الذين صوتوا لمرشحي يمين الوسط للرئيس، بما في ذلك الأصوات التحررية، أكبر من عدد الذين صوتوا لهيلاري كلينتون وغيل شتاين. ومن حيث الأغلبية المطلقة، تستحق الليبرالية الخسارة سنة 2016 حتى لو لم يكن ترمب مستحقاً للفوز بالضرورة.
برغم المزايا البنيوية التي يحظى بها الجمهوريون حقيقية، فإنها لم تمنع الديمقراطيين آنذاك من استعادة مجلس النواب سنة 2018، والرئاسة سنة 2020، ومجلس الشيوخ سنة 2021. مددت هذه الانتصارات من نمط السياسة الأميركية في القرن 21، التي شهدت تأرجحات كبيرة كل بضع دورات، وليس ترسيخ سلطة أي من الحزبين.
غير أن المشهد السياسي بعد سنة 2024 قد يبدو أقرب إلى تصوير ليبرالي لمحنة عصر ترمب، وفقاً لحسابات كاساندرا، ديفيد شور الليبرالية، من أن تقارب خريطة مجلس الشيوخ غير المواتية للديمقراطيين، مع مساوئهم في المجمع الانتخابي ومجلس الشيوخ القائمة مسبقاً، يمكن أن يؤدي بسهولة إلى سيناريو يفوز فيه الحزب بـ50 في المائة من الأصوات الشعبية في الكونغرس، و51 في المائة من الأصوات الرئاسية، وينتهي به المطاف بخسارة البيت الأبيض والتحديق إلى ميزة الجمهوريين في مجلس الشيوخ التي تكاد تكون خادعة.
هذا سيناريو للرعب الليبرالي، لكنه ليس سيناريو يجب على المحافظين الترحيب به أيضاً. في الأعوام الأخيرة، ومع تزايد المزايا التي يتمتع بها المحافظون في المؤسستين، فقد دافعوا عن مؤسسات مثل مجلس الشيوخ والمجمع الانتخابي مع اختلافات في الحجة القائلة إن الولايات المتحدة جمهورية ديمقراطية، وليست ديمقراطية بحتة.
هذه الحجج أقل وزناً، ومع ذلك، فكلما أصبحت النتائج الإجمالية للنظام غير ديمقراطية بشكل أكثر اتساقاً، انهارت هذه الأحزاب تماماً كالسيناريو الذي سعى إليه دونالد ترمب وبعض حلفائه بعد سنة 2020؛ حيث تستبدل الهيئات التشريعية في الولايات ببساطة أفضلياتها للناخبين في ولاياتهم.
يمكن لشرعية المجمع الانتخابي أن تبرز إذا ما أسفرت نتائج التصويت الشعبي بين الحين والآخر، التي تتراوح بين 49 و47 في المائة، عن عكس ذلك، كذلك الحال لشرعية مجلس الشيوخ، إذا كان يميل قليلاً نحو حزب واحد، لكنه يتغير باستمرار.
لكن السيناريو، الذي نجح فيه حزب واحد في الحفاظ على سلطة الحكم، في حين يفتقر إلى دعم الأكثرية، يشكل وصفة لنزع الشرعية وخيبة الأمل المعقولة، التي لن يتمكن أي مسار محافظ ذكي حوّل الأهمية الدستورية لسيادة الدولة من التعامل معها بالقدر الكافي.
من وجهة نظر الحزب الجمهوري، فإن أفضل طريقة لتجنب هذا المستقبل - حيث تقوض طبيعة الانتصارات المحافظة الشرعية المتصورة للحوكمة المحافظة - هي التوقف عن الاكتفاء بالمزايا التي يمنحها النظام، ومحاولة الفوز بالأغلبية بشكل مباشر وأكثر جدية.
لا يمكنك أن تتوقع من حزب سياسي التخلي ببساطة عن مزاياه، لن يكون هناك أبداً تعديل دستوري من الحزبين لإلغاء مجلس الشيوخ، على أي جدول زمني يمكنكم تصوره. لكن يمكنك أن تتوقع من حزب سياسي أن يظهر طموحاً انتخابياً أكثر قليلاً مما فعله الحزب الجمهوري في الآونة الأخيرة، أن يسعى للفوز بمزيد من الانتخابات بالطريقة التي فاز بها رونالد ريغان وريتشارد نيكسون، بدلاً من الاكتفاء بالإبقاء على مسافة قريبة من ذلك، وتعليق آمالهم على فرص محظوظة.
وفي ظل المناخ الحالي بصورة خاصة، الذي يبدو سيئاً بالنسبة للديمقراطيين، فإن الجمهوريين لديهم الفرصة لجعل شكوى المجمع الانتخابي موضع جدال لفترة من الوقت على الأقل، من خلال اتخاذ مواقف معقولة ببساطة، وترشيح مرشحين معتمدين، والفوز بالأغلبية بشكل صريح.
وهذا يعني رفض سياسة جنون العظمة الناتج عن تزوير الأصوات، كما نأمل أن يفعل الناخبون الجمهوريون في الانتخابات التمهيدية باختيار بريان كيمب بدلاً من ديفيد بيردو في الانتخابات التمهيدية لولاية جورجيا.
وهذا يعني رفض المحاولات الرامية إلى العودة إلى سياسات «الصانعين في مواجهة الطامعين» التحررية التي سادت عصر حزب الشاي، والتي تجلت حالياً في البيان الأخير للسيناتور الأميركي ريك سكوت، الذي أشار فيه إلى زيادة الضرائب المفروضة على الطبقة العاملة، ما يعد بالأساس المعادل اليميني لمبدأ «إلغاء تمويل الشرطة» من حيث سميّتها السياسية.
وهذا يعني (وأخشى أن هذا يتجاوز قدرات الحزب الجمهوري) ترشيح شخص آخر غير دونالد ترمب في 2024.
فالحزب الجمهوري الذي تمكن من الفوز بالأغلبية الشعبية، قد يشهد تعظيم أغلبيته في مجلس الشيوخ أو المجمع الانتخابي بسبب مزاياه البنيوية. لكن مثل هذا التضخيم يشكل سمة طبيعية لكثير من الأنظمة الديمقراطية، وليس فقط أنظمتنا. الأمر مختلف تماماً عن خسارة التصويت الشعبي باستمرار، ومع ذلك يتم تسليم السلطة على أي حال.
أما بالنسبة لكيف يتصرف الديمقراطيون بشأن مساوئهم، حسناً، هذه مناقشة تطول، لكن نتناول نقطتين سريعتين في الوقت الراهن.
أولاً، بقدر ما يريد الحزب التركيز على الحلول الهيكلية للتحديات الهيكلية التي يواجهها، فهو يحتاج إلى توضيح حول نوع الإصلاحات الانتخابية التي يمكن أن تحقق شيئاً في الواقع. كان هذا مفقوداً في عهد بايدن؛ حيث أهدر الإصلاحيون الليبراليون كثيراً من الوقت والطاقة على مشروعات قوانين التصويت التي لم تنجح، كما أنه من غير المحتمل أن تساعد الحزب كثيراً لو أنها مُرّرت بالفعل.
الفكرة الإصلاحية المختلفة (افتراض شكل الولاية لمنطقة كولومبيا وبورتوريكو) لم تكن لتحدث في هذه الفترة أيضاً، لكنها أكثر استجابة للتحديات الفعلية التي تواجه الديمقراطيين في مجلس الشيوخ. لذا إذا كنت ناشطاً ليبرالياً أو مشرعاً تخطط للفترة القصيرة التالية عندما يمسك حزبك بزمام السلطة، فإن الدفع باتجاه توسيع مجلس الشيوخ يبدو كسباق ماراثون طويل وأكثر معقولية لمحاولة تدريب فريقك على اجتيازه.
ثانياً، بقدر ما يوجد مسار ديمقراطي للعودة إلى قدر أكبر من المساواة في مجلس الشيوخ والمجمع الانتخابي من دون إصلاح هيكلي، ربما يتطلب الأمر إنشاء فصيل واضح داخل الحزب مخصص للفوز بنوعين من الناخبين، اللاتينيين المحافظين ثقافياً، والبيض من الطبقة العاملة، الذين كانوا جزءاً من ائتلاف باراك أوباما، ولكنهم انحرفوا إلى اليمين منذ ذلك الحين.
سيضطلع هذا الفصيل بمهمتين؛ التزام أجندة السياسة الاقتصادية التي تم اختبارها وفقاً لاستطلاع الرأي (وليس فقط الأجندة المؤيدة للأعمال التي يدعمها كثير من الديمقراطيين الوسطيين)، والبحث الدائم عن السبل اللازمة لتمييز نفسها عن التقدمية المنظمة (المؤسسات، والنشطاء، والأكاديميين) فيما يتصل بالقضايا الثقافية والاجتماعية. والأهم من ذلك ليس بالطريقة التكتيكية التي يفضلها المحللون مثل شور، ولكن بلغة المبدأ.
* خدمة «نيويورك تايمز»