مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

التعريف بكنوز الأرشيف!

تأسست صحيفة الأهرام المصرية سنة 1875 على يد الأخوين اللبنانيين سليم وبشارة تقلا، ومنذ ذاك الحين وهي «أم الصحف» العربية، وتحولت لمؤسسة كبرى في عالم النشر هي مؤسسة الأهرام.
محتويات الأهرام هي مرآة عاكسة للحياة المصرية، والعربية أيضاً، سياسياً وفنياً ورياضياً وثقافياً واقتصادياً، وعليه فإنَّ «أرشيف» الأهرام، هو ثروة وطنية وقيمة حضارية كبرى. المقالات، الأخبار التحقيقات المقابلات، والصور والخرائط، التي تناثرت على صفحات «الأهرام»، ثم على خزائنها الرقمية على الإنترنت، تشكل مادة غنية للباحثين والمحبين أيضاً للتاريخ والثقافة.
لماذا أتحدث عن أرشيف الأهرام اليوم؟
بسبب خبر انتشر كثيراً، وخصصت له «بي بي سي» العربية تحقيقاً خاصاً، حول حصول إسرائيل على هذا الأرشيف الغني، حسبما نشرته صفحة «إسرائيل بالعربية»، الناطقة بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية.
هذه الجهة الإسرائيلية كشفت أنَّ «أرشيف الجريدة متاح فقط ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالمكتبة، وللباحثين والطلاب في إسرائيل دون غيرهم». ويسمح للجمهور بالاطلاع على تلك الصحف بمقابل مادي بعد الاشتراك في الموقع.
بعيداً عن الجدل السياسي الذي ثار من الحسابات المصرية حول مسألة التطبيع وخلافه، أو مسألة بيع الأرشيف بثمن بخس، كما قيل، لمنصة (إيست فيو غلوبال) الأميركية التي يظن أنَّها بدورها باعت الأرشيف للجهة الإسرائيلية.
بالمناسبة، الحديث عن أكثر من 600 ألف صفحة من أرشيف الأهرام الرقمي متاحة على منصة «إيست فيو غلوبال»! لكن بعيداً عن كل هذا الجدل، تفتح هذه القضية، على كنوز مهملة عندنا في الإعلام العربي، وأخصص حديثي هنا عن أرشيف الصحافة السعودية.
أضخم موسوعة عن الصحافة السعودية، أصدرتها «المجلة العربية» السعودية التي يرأس تحريرها الباحث السعودي محمد السيف، بعنوان «أوائل الأعداد من الصحف والمجلات السعودية».
حسب الموسوعة فإنَّ «الحجاز» هي أول صحيفة بمكة المكرمة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1908. الموسوعة أشارت إلى أنَّ غالبية الصحف في البدايات صدرت بمكة المكرمة، ومنها «صوت الحجاز» التي صدرت 1932، وهي امتداد لصحيفة «بريد الحجاز»، واستمرت مع تغيير اسمها إلى «البلاد السعودية». ومن الرياض صدرت «اليمامة» 1953 برئاسة تحرير«علامة الجزيرة العربية» حمد الجاسر. وفي الدمام، شرق السعودية صدرت «أخبار الظهران» نهاية 1954. وهي صحيفة أسبوعية جامعة، وخرج عددها الأول في 4 صفحات، وكان رئيس تحريرها عبد الله الملحوق.
ولدينا أيضاً أرشيف حافل لمنشورات المجموعة السعودية التي تصدر هذه الصحيفة «الشرق الأوسط»، وأيضاً الأرشيف التلفزيوني والإذاعي لمجموعة MBC وغيرها.
كيف يتمُّ تفعيل هذا الأرشيف وتحويله لمصدر يدّر الربح على المؤسسات التي تملكه، في ظل تهافت المحتوى الإعلامي الذي يصفع أعيننا، ويخدش سمعنا على مدار الساعة في منصات السوشيال ميديا؟ لدينا كنوز لا تقدر بثمن لكنها مهملة في صناديق مغبرة، والجميع يتلهَّى بمضغ المحتويات القشرية لفطريات السوشيال ميديا، إلا ما رحم ربي وقليل ما هم.