في شهادتها أمام لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، أثارت فرانسيس هوغان، الموظفة السابقة في «فيسبوك» التي تحولت إلى مُبلغ عن المخالفات، عدداً من الأسئلة السياسية المهمة والمعقدة حول كيفية تنظيم المجتمع بشكل أفضل لعملاق وسائل التواصل الاجتماعي الشارد.
لكنها طرحت أيضاً سؤالاً جوهرياً، وهو سؤال لم تقدم له جلسة الاستماع ولا وثائقها الداخلية المسربة إجابة واضحة. السؤال؛ هل وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطراً على المراهقين؟ الجواب؛ ليست لدينا فكرة.
لا أحد يعرف الإجابة، لا خبراء تنمية الطفل، ولا شركات التكنولوجيا، ولا المراهقون، ولا الآباء التعساء مثلي. وفي القفز إلى استنتاج مفاده أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» وغيرهما من خدمات الوسائط الاجتماعية ستكون خراباً للجيل القادم، قد نكون (وسائلَ الإعلام على وجه الخصوص، والمجتمعَ بشكل عام) نتعثر في الفخ الذي أوقعنا مراراً وتكراراً، وهو الذعر الأخلاقي الذي نستخلص منه استنتاجات واسعة ومقلقة حول الأخطار الخفية للأشكال الجديدة من وسائل الإعلام أو التقنيات الجديدة، أو الأفكار الجديدة التي تنتشر بين الشباب.
الكتب المصورة، والتلفزيون، وموسيقى الروك، وموسيقى الراب، والديسكو، وألعاب الفيديو، والإيبونكس، والصحافة السياسية، جميعها من بين الموضوعات التي أثارت الذعر الجماعي في الماضي. كنت تعتقد أن هذا القدر من الذعر الإعلامي سيمنع حدوث مخاوف جديدة، لكننا ما زلنا نشعر بالذعر، كما كان الحال دائماً. لاحظ انشغال ثقافتنا الحالية بالويلات المفترضة لنظرية العرق النقدية وثقافة الإلغاء.
في العامين الماضيين، أصبحت حذراً بشكل خاص من حالات الذعر هذه، ذلك لأن هذه الظاهرة تشكل مصدر هوس لاثنين من نقاد الإعلاميين المفضلين؛ الصحافيين سارا مارشال، ومايكل هوبز، مبتكري بثاً صوتياً (بودكاست) رائعاً يسمى «أنت مخطئ في الأمر». يسلط العرض ضوءاً تنقيحياً على الروايات الإعلامية التي أصابت الثقافة في يوم من الأيام بحالة من القلق الشديد، مثل «الذعر الشيطاني» في الثمانينات، والخوف من «إرسال الرسائل عبر الرسائل النصية» في الآونة الأخيرة العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والخوف المبالغ فيه على نطاق واسع في التسعينات من أن العصابات الحضرية تشكل تهديداً رهيباً للسلامة العامة.
على الرغم من أن كل حلقة من حلقات «أنت مخطئ بشأن كذا» تركز على حالة ذعر معينة، فإن مشروع مارشال وهوبز الأكبر كان إنشاء نوع من رسم الخرائط للرهبة الإعلامية، لرسم خريطة لكيفية انتشار روايات الخوف هذه في وسائل الإعلام والتشبث بها رغم دعمها بأدلة محدودة. إن عملهما يوحي بالجاذبية المركزية لإثارة الخوف، غالباً ما يعيد الذعر الأخلاقي توجيه انتباه المجتمع بعيداً عن المشكلات الكبيرة والصعبة، وما الذي سنفعله حيال ثقافة السلاح في أميركا؟ غالباً ما تكون الحلول صغيرة وسهلة، دعنا نحظر ألعاب الفيديو العنيفة. أليس كذلك؟
بينما كنت أشاهد شهادة هوغان الأسبوع الماضي، لم يسعني إلا اكتشاف أنماط الذعر الأخلاقي، إذ يبدو أن كثيراً من أسئلة المشرعين وإجابات هوغان لم تكن مفعمة بالبيانات، بقدر ما امتلأت بالافتراضات.
أشارت هوغان إلى أبحاث «فيسبوك» التي تشير إلى أن «إنستغرام» يمكن أن يؤدي إلى تفاقم قلق المراهقين والاكتئاب والأفكار الانتحارية. ومن بين اقتراحات أخرى، زيادة الحد الأدنى لسنّ أي شخص يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي إلى 17 عاماً بدلاً من 13 عاماً.
وبحسب عالم النفس لورانس شتاينبرغ، في صحيفة «ذا تايمز»، فإن البحث الذي تستشهد به هوغان ضعيف للغاية. فجزء كبير منه مترابط، وتُظهر المستندات المسربة أيضاً أن كثيراً من المراهقين يبدو أنهم يعتقدون أن «إنستغرام» يلعب دوراً إيجابياً في حياتهم أكثر من آثاره السلبية.
بصفتي خبيراً، أجد اقتراح هوغان برفع الحد الأدنى لسنّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إجراء احترازياً معقولاً. كما قدمت حجة قوية للمشرعين والمنظمين لفرض شفافية كبيرة على «فيسبوك» حتى يتمكن الباحثون الخارجيون من التعامل بشكل أفضل مع دور وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع.
لكن بصفتي والداً لأطفال يخجلون من سن المراهقة، فإن مخاوفي أراها أكثر إلحاحاً. هل يجب عليّ (في مرحلة ما) السماح لأطفالي بالحصول على الهواتف الذكية واستكشاف براري «إنستغرام»، و«تيك توك» وأي شيء رائع على الإنترنت يستخدمه الأطفال الآن، ولم أسمع به من قبل؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فبأي عمر؟
أفضل إجاباتي في الوقت الحالي هي؛ لا أعرف.
هناك تكلفة محتملة على السماح والحظر. فمن الممكن، كما يشير بحث هوغان المسرب، أن تكون لوسائل التواصل الاجتماعي آثار كارثية على رفاهية أطفالي العقلية والاجتماعية، ومن الممكن أيضاً أن تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة. في الاستطلاع الذي أشار إليه هوغان، أفاد كثير من الأولاد والبنات، المراهقين، بأن «إنستغرام» خفف من الشعور بالوحدة والتوتر الأسري والحزن، بينما قال كثيرون أيضاً إنه لم يكن له أي تأثير في كلتا الحالتين.
هناك أيضاً سؤال حول كيفية تأثير حظر وسائل التواصل الاجتماعي على رفاهية أطفالي. فاليوم يعمل العالم على وسائل التواصل الاجتماعي في السراء والضراء. هل أريد أن يكبر أطفالي من دون فهم دينامياته ومخاطره وإمكاناته؟ هل سيحوّلهم الحظر إلى منبوذين اجتماعياً؟ إذا منعتهم من استخدام التطبيق الذي يتسكع فيه جميع أصدقائهم، فهل أتصرف مثل الأب الذي لا يسمح لأطفاله بالاستماع إلى إلفيس بريسلي؟
في وقت سابق من الأسبوع الحالي، أعلنت هوبز أنها ستترك العمل في برنامج «أنت على خطأ» وستنتقل للعمل في مشروعات أخرى. أتمنى لها حظاً سعيداً، لكني آمل أيضاً أن يتم نسخ روح العرض على نطاق واسع، وأن تصبح مناقشة كيف تقع الثقافة في براثن الهستيريا أمراً روتينياً في غرف الأخبار.
نحن نمر بأوقات عصيبة. لكن لا يمكننا أن نبدأ في حل مشكلاتنا الحقيقية إذا واصلنا الانغماس في مشكلات مبالغ فيها.
* خدمة «نيويورك تايمز»
8:7 دقيقه
TT
الذعر الأخلاقي يجتاح «إنستغرام»
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة