إميل أمين
كاتب مصري
TT

السعودية والحج... نجاحات آنية ومستقبلية

تعيش المملكة العربية السعودية في حاضرات أيامنا سلسلة متصلة من النجاحات الآنية والمستقبلية على حد سواء، وتمضي بخطوات واثقة تتسنم القمة داخلياً وخارجياً، بشهادة الغريب قبل القريب.
تكللت جهود المملكة في مواجهة فيروس «كوفيد» الشائه بنجاح واضح، وهذا ما أشار إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في كلمته التي وجهها للحجاج والمرابطين والمقيمين والمسلمين في عيد الاضحى، وجاء التوفيق على جميع مناحي الحياة، وفي المقدمة زيادة المناعة المجتمعية عبر تقديم ملايين جرعات عدة من اللقاح للمواطنين والمقيمين، من غير تفريق ولا محاصصة.
نجحت قيادة المملكة في رفع الطاقة التشغيلية للحرمين الشريفين، وتمكين قاصديهما من أداء مناسك الحج في بيئة صحية آمنة، وهذا تحدٍ لو يعلم القارئ عظيم، لا سيما في مثل تلك الظروف الدولية الوبائية المضطربة.
نجاحات المملكة في موسم الحج لهذا العام، لم تتجل في السياقات اللوجيستية الداخلية فقط، وإنما طفت على السطح من خلال القدرة الخلاقة للتعاون المثمر مع بقية دول العالم الإسلامي، وتضافر جهود الهيئات الدينية التي دعمت وثمّنت الإجراءات التي اتخذتها المملكة في حج هذا العام.
قدمت المملكة لضيوف الرحمن كافة ما يلزم من خدمات، وجعلت سلامتهم نصب أعينها؛ ولهذا جاء حساب الحصاد أبيض ناصعاً، ولم تُرصد أي حالات لأمراض بشكل عام، و«كورونا» بشكل خاص.
ومن المَشاهد التي تدعو للفخر، وتؤكد صيحة الوعي الخلاق في المملكة، وضمن سياقات «رؤية 2030» التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان مشهد المشاركة النسائية في مناسك حج هذا العام؛ فقد ظهرت المرأة السعودية في ثوب قشيب، وملامح ومعالم تشير إلى الدور المنوط بها في النجاحات التراكمية الآنية والمستقبلية للمملكة.
بدت المرأة السعودية وكأنها تستأنف مسيرة تاريخية وحضارية منذ صدر الإسلام وحتى الساعة، وتنفض عنها أثواب التكلس، ورداءات التحجر، من غير أن تتخلى عن أي ثابت من الثوابت، أو تختصم أصلاً من الأصول.
دعمت حكومة خادم الحرمين الشريفين المرأة السعودية، وفتحت أمامها الأبواب واسعة، وقد كان اليقين أنها بالفعل نصف المجتمع، وهي الأم والمربية، المعلمة والعالمة، وأن استثمار طاقتها يعني مضاعفة فرص الترقي المجتمعي، والعمل على تحريك والاستفادة من الفرص التي كانت ضائعة، كما يقول علم الاقتصاد.
ظهرت المجندات السعوديات في مختلف قطاعات وزارة الداخلية، وشاركن في أعمال التنظيم والتفتيش، الرقابة والمتابعة الميدانية، الترجمة وتلقي البلاغات، وغيرها من الخدمات التي جعلت موسم الحج هذا العام، على ما أصاب الكون من وباء، موسماً ناجحاً متميزاً، وسابقة استلفتت أنظار الآخرين.
في مقدمة الجهات الدولية التي أثنت على رقي وإنسانية وحسن تنسيق موسم الحج هذا العام، جاء الاتحاد الأوروبي، الذي أشاد بالجهود المضنية التي حققتها الحكومة السعودية.
في هذا السياق، كانت إشارة الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط، لويس ميغيل، ففي تصريحاته للزميلة «العربية نت» قال «يسعدني أن أحيي السلطات السعودية على التنظيم الرائع لموسم الحج هذا العام، الذي تمت إدارته بكفاءة عالية ترتب عليها عدم تسجيل أي حالات إصابة بفيروس (كورونا) بين عامة الحجاج، إضافة إلى اتخاذها التدابير كافة للتعامل مع حالات الطوارئ».
والمؤكد أن رجلاً يمثل القارة الأوروبية، كان ولا بد له من أن يتوقف طويلاً عند نجاح المملكة في دفع المرأة إلى مجال المشاركة في أعمال موسم الحج؛ الأمر الذي اعتبره حضوراً مميزاً، يقطع برؤية منهجية للتقدم، وبآليات عقلانية تستشرف المستقبل اليوم، وتتنبأ بالغد، من خلال المقدرة على صناعته.
والشاهد، أنه لم يكن لموسم الحج أن يظهر بهذا المظهر المشرف هذا العام، لو لم تبرع وزارة الصحة السعودية في الوصول بالعدد الإجمالي للجرعات المعطاة من لقاح فيروس «كورونا» إلى أكثر من 24 مليون جرعة، وقد أبدع تطبيق «صحتي» في تسهيل حصول المواطنين والمقيمين على فرصة تلقي التطعيم، ولا تزال وزارة الصحة تحث الجميع بهدف الحصول على اللقاح المجاني عبر مراكز اللقاح المنتشرة في مناطق المملكة كافة والتسجيل من خلال تطبيق «صحتي».
وفي نهاية مايو (أيار) الماضي، أعلنت المملكة أن 40 في المائة من السكان تلقوا جرعة واحدة على الأقل من لقاح «كورونا».
يد البر والإحسان السعودية تمتد بدورها حول العالم، ولا تتوقف عند الداخل السعودي فقط، وخير دليل على ما نقول به، توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بإرسال الدعم اللازم إلى ماليزيا، التي تواجه تحديات مجابهة تفشي الفيروس اللعين، وقد تم بالفعل إرسال المساعدات من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وشملت تأمين مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس «كورونا» وأجهزة طبية وأجهزة عناية وعلاج ومستلزمات وقائية وغيرها من الاحتياجات الطبية.
نجاحات المملكة تراكمية آنية، واستشرافية مستقبلية، وكلتاهما تعني الخير القادم، بإذن الله.