أنجاني تريفيدي
كاتبة من خدمة «بلومبرغ»
TT

جدية «جي بي مورغان» وطموحه البيئي!

اشترى أحد أكبر ممولي الوقود الأحفوري في العالم للتو شركة تشرف على 1.7 مليون فدان من الغابات في الولايات المتحدة وتشيلي ونيوزيلندا. هل هذا يكفي لجعلها صديقة للبيئة؟ قد يأمل باقي أسواق المال في «وول ستريت» في ذلك، لكن الواقع غير مؤكد.
في وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت ذراع إدارة الأصول التابعة لـمؤسسة «جي بي مورغان تشيس»، والتي يبلغ رأسمالها 2.5 تريليون دولار، عن استحواذها على شركة «كامبل غلوبال»، وهي شركة إدارة استثمار في بورتلاند بولاية أوريغون تركز على الأخشاب والغابات والموارد الطبيعية. يقول البنك، إن الصفقة تمنحه «دوراً نشطاً» في السوق المزدهرة لتعويضات الكربون، والتي تساعد الشركات على تعويض الانبعاثات الناتجة في أماكن أخرى من عملياتها عن طريق القيام بأشياء مثل زراعة الأشجار أو شراء الائتمانات.
قدمت مجموعة واسعة من الصناعات مثل هذه التعهدات، بدءاً من «بيغ أويل» إلى «بيغ تيك»، لكن هذه الطموحات ربما لا تكون في أي مكان أكثر أهمية من القطاع المصرفي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن المؤسسات المالية تعد من مضاعفات القوة. فكل دولار من المقرضين الرأسماليين يضطرون إلى وضعه في الاقتصاد يذهب إلى أبعد من ذلك مع الرافعة المالية.
ورغم أن الأزمة المالية أظهرت خطورة هذه الظاهرة، فإن التمويل الأخضر (صديق البيئة) يمكن أن يثبت جدواه. ففي أبريل (نيسان)، قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي جيمي ديمون، إن «جي بي مورغان» سوف «تمول وتسهل» أكثر من 2.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات لتعزيز جهود تغير المناخ.
ورغم ذلك، بقدر ما تبدو هذه الالتزامات كبيرة وجريئة، فهي أيضاً غامضة بعض الشيء. فأسواق تعويض الكربون لا تقلل أو تمنع الأنشطة التي تضيف إلى الاحتباس الحراري، لكنها تحيدها من خلال المشاريع التي تسعى إلى إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وهذا يعني أن مسببي الانبعاثات يفتقرون إلى الحوافز لتغيير السلوك على نحو ملائم. ومن الصعب على البنوك محاسبة الشركات التي تتعامل معها، في حين أن تحديد مقدار ما يمتلكه المقرضون أنفسهم في اللعبة يمكن أن يصل إلى حد التخمين.
تعتبر خطوة شراء «كامبل غلوبال» مثالاً جيداً، حيث لا تستخدم «جي بي مورغان» ميزانيتها العمومية للاستثمار في الأخشاب، لكنها تستخدم بدلاً من ذلك إدارة الأموال لمستثمري الطرف الثالث الذين يرغبون في استثمار رؤوس أموالهم في مجالات تركز على البيئة. على النقيض من ذلك، ضع في اعتبارك مقدار قروض ميزانيتها العمومية التي تذهب مباشرة نحو الأعمال الكثيفة الكربون: في العام الماضي، وجدت «جي بي مورغان»، أن 20 في المائة، أو نحو 228 تريليون دولار، من تعرضها الائتماني بالجملة ذهبت إلى قطاعات مثل السيارات والكيماويات والنفط والغاز، وفقاً لنتائج تمرين تجريبي مفصل وردت في تقرير «البيانات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات»، وأفاد البنك بأنه يعتزم إجراء تحليل أعمق.
منذ اعتماد اتفاقية باريس في عام 2015، قدم أكثر من 36 بنكاً على مستوى العالم 2.7 تريليون دولار في شكل إقراض واكتتاب لصناعة الوقود الأحفوري، وفقاً لتقرير أعده تحالف من المجموعات البيئية. وكان «جي بي مورغان» أول من «تجاوز علامة الربع تريليون دولار في التمويل الأحفوري بعد باريس». ومع ذلك، فإن بنك نيويورك ليس وحده بأي حال من الأحوال. فإذا أراد المقرضون العالميون أن تبدو تعهداتهم المتعلقة بالمناخ ذات مصداقية، فسيتعين عليهم البدء في معرفة ما يجب فعله بسجل أعمالهم الحالي، والذي يتسبب بالمعدل الحالي في إلحاق ضرر كبير بالبيئة.
قطع الائتمان عن مسببي الانبعاثات هو حل واضح، وإن كان معقداً، لكنه ليس الحل الوحيد. كما أن تعزيز الخدمات الاستشارية للإدارة البيئية وإضافة تعهدات القروض للتأكد من بقاء المقترضين أسفل عتبات الانبعاثات سيساعد أيضاً. ويمكن للمساهمين بعد ذلك تحديد ما إذا كانوا يريدون مكافأة ذلك النموذج من الأعمال.
تدرك المؤسسات المالية أن لحظة الحساب قد حانت. ففي ملفها السنوي الأخير، أشارت «جي بي مورغان» إلى أنها واجهت مخاطر تتعلق بسمعتها والتي يمكن أن تضر بأعمالها قائلة إن «الناشطين الاجتماعيين والبيئيين يستهدفون بشكل متزايد شركات الخدمات المالية مثل (البنوك) بانتقادات علنية لعلاقاتها مع العملاء الذين يشاركون في صناعات حساسة معينة».
وفي الوقت نفسه، يركز المنظمون على عوامل «البيانات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات». وقد اختتمت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مؤخراً فترة تعليق عام على الإفصاح عن تغير المناخ، وأثارت وزارة الخدمات المالية لولاية نيويورك تحذيرات بشأن تأثير الاحترار على النظام المالي؛ مما أدى إلى تضخيم خطاب البيانات «البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات» في «وول ستريت».
لكن البنوك لا تستطيع الانتظار حتى يتم وضع القواعد لها، وها قد حان الوقت لـ«وول ستريت» للتوصل إلى حلول بأفضل طريقة ممكنة، وهي الإقدام على المخاطرة. إن التوقف عن الإقراض لأسوأ المخالفين وتسريعها نحو الطاقة الخضراء صديقة البيئة سيكون نقطة مفيدة للبدء.