إيلين والد
كاتبة أميركية من خدمة «بلومبرغ»
TT

حلول الطاقة الخضراء تبدأ من باب المصنع

تنطوي الجهود المبذولة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية الضارة على تحدٍّ صعب، يتمثل في معالجة المخاطر البيئية للوضع الراهن من دون إضافة تكاليف وأعباء لا داعي لها يمكن أن تخنق النمو الاقتصادي.
يوفر هذا حافزاً قوياً للمستثمرين وصنّاع السياسات الذين يهتمون بالبيئة والاقتصاد لإعطاء الأولوية للحلول المبتكرة. في أميركا، شكّل القطاع الصناعي ما يقرب من ربع إجمالي الانبعاثات في عام 2019، وفقاً لبيانات وكالة حماية البيئة، لذا فإنَّ حل مشكلات انبعاثات هذه الشركات سيقطع شوطاً طويلاً نحو معالجة المخاوف الأكبر. تتمثل إحدى الطرق الجديدة في تشجيع الشركات المصنِّعة على الاستثمار في توليد الطاقة الخالية من الكربون. ورغم أنَّ هذه ليست بالفكرة الجديدة تماماً، فإنَّها تبشر بالخير.
في العالم الصناعي، تتمثل أبسط طريقة لتشغيل مصنع في الاعتماد على شبكة الكهرباء المحلية. ورغم ذلك، يمكن أن يكون ذلك ضاراً عندما يتعلق الأمر بالانبعاثات.
كيف يمكن أن يسهم توليد الطاقة المحلية في حل هذه المشكلة؟ دعونا نلقِ نظرة على دراسة حالة تشمل عملاق الألمنيوم «مجموعة إي إن غروب إنترناشيونال بي جي إس سي». يعد إنتاج الألمنيوم من أكثر سبع صناعات كثافة في استخدام الطاقة ومن أكثر الصناعات صعوبة في تقليل الانبعاثات. والألمنيوم مهم أيضاً في الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة لأنه معدن خفيف الوزن ومتين وقابل لإعادة التدوير يُستخدم في البناء والطيران والتعبئة والنقل.
تمكنت شركة «إي إن» من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 85%، جزئياً من خلال الاستثمار في أصول توليد الطاقة الخاصة بها لضمان إنتاج الألمنيوم باستخدام الطاقة المتجددة. في هذه الحالة، تعتمد مصاهر الألمنيوم التابعة للشركة على محطات طاقة كهرومائية مخصصة توفر أيضاً الكهرباء للمجتمعات المحيطة. والنتيجة أن انبعاثات مصهر الألمنيوم للشركة تبلغ سدس الانبعاثات الصادرة عن مصهر الألمنيوم الصيني القياسي الذي يستخدم الفحم لتوليد الطاقة.
باستخدام الطاقة المائية، وجدت شركة «إي إن» حلاً من الماضي لمشكلة حديثة جداً. توفر الأشكال الأخرى للطاقة الخالية من الكربون مصادر طاقة وفيرة ومستقرة للتصنيع بعيداً عن الأنهار. إذ تتابع شركة «سينثوس»، وهي شركة تصنيع مواد كيميائية أوروبية بناء محطة طاقة نووية بقدرة 300 ميغاوات مخصصة لعملياتها في بولندا. وقد أجرت الشركة دراسات جدوى مع شركة «جي هيتاتشي» للطاقة النووية وبدأت مناقشات مع «الوكالة الوطنية للطاقة الذرية» في بولندا. وسيكون مثل هذا الالتزام مفيداً بشكل خاص في بولندا التي تمتلك شبكة تعتمد على حرق الوقود الأحفوري. فمثل هذه المحطة النووية الصغيرة، يمكن أن تكلف مليار دولار وهو ليس بالمبلغ الهين، ولكنها جزء صغير من تكلفة محطة نووية كاملة الحجم.
يمكن أن يكون الاستثمار في طاقة كربونية محلية محايدة بمثابة إضافة مالية للشركات بالإضافة إلى الفائدة البيئية. ستخفض الشركات تكاليف المرافق ويمكن أن تولّد إيرادات من بيع الطاقة الزائدة إلى الشبكة. ثانياً، سيكون لديهم مصدر ثابت للطاقة الخالية من الكربون.
كما اتخذ تبعض شركات التكنولوجيا مساراً مختلفاً، حيث استثمرت في توليد الطاقة المتجددة لمواجهة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، لم تكن هذه الاستثمارات مبشِّرة من ناحية الانبعاثات. وقد استثمر البعض في مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأحياناً في أماكن بعيدة لمعادلة انبعاثاتهم أو المساهمة في الطاقة التي يحتاجون إليها.
قد تكون أفضل طريقة للتعامل مع الانبعاثات مساعدة الشركات على تبني حلول الطاقة بنفسها من خلال مصادر محلية ومحايدة للكربون مثل الطاقة الكهرومائية والنووية حيثما كان ذلك ممكناً. ستكون هذه المساعي خطوات فعالة من حيث التكلفة وواقعية نحو «تحديث توليد الطاقة».
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»