خالد البسام
كاتب ومؤرخ بحريني
TT

أخطاء شواء الدجاج!

هناك من يخطئ اليوم وكأنه يرتكب جريمة خطيرة، وهناك من يرتكب بعض الأخطاء في شواء الدجاج!
الفوارق مثل البشر لكنها أخطاء نرتكبها في حياتنا وأحيانا كل يوم.
نحن بشر نخطئ، لكن هناك من يعترف بخطئه علنا أو سرا ويحاول إصلاحه، وهناك من يكابر ولا يعترف بأنه أخطأ، بل ويؤكد أنه لم يخطئ ولن يخطئ في حياته أبدا.
وعندنا أنواع من الناس يخطئون بغير قصد في السنة مرة واحدة، وهناك غيرهم يخطئون عشرات المرات كل يوم ويصرون على أنهم لم يرتكبوا أي ذنب.
الأخطاء على قفا من يشيل. وقد أصبحت كثيرة لدرجة أن البعض صار غير قادر على تمييزها عن الأشياء الصائبة. ولدينا من يتعلم من أخطائه ولا يكررها، وعندنا أيضا من يصر على تكرارها حتى ولو وصلت إلى درجة الحماقة.
وتوجد في الدنيا مصائب يقللون من قيمتها فيقولون أخطاء، وأعمال فادحة يصورونها على أنها أخطاء تافهة.
أجمل البشر اليوم في ظني هم هؤلاء الذين يعتذرون عن أخطائهم مهما كانت، خاصة إذا كانت بحق أشخاص آخرين ارتكبوا في ذنبهم إساءة ما. فهؤلاء البشر يتسامون على أنفسهم وعلى كبريائهم وربما على كرامتهم، ويقولون كلمة صغيرة لكنها مدهشة وهي: آسف. وغير آسف هناك من يقول: سامحونا.. لقد أخطأنا بحقكم.
وفي معظم الأحيان فإن المسامح كريم ويغفر ذنوب وزلات الآخرين مهما كانوا ومهما كانت قلوبهم، لكن إذا تكرر الخطأ ووقع أفدح منه فهل يسامح الإنسان؟
هذا سؤال لا أعرف إجابته لأنه يعتمد على طيبة قلب الشخص ومدى حبه للطرف الآخر سواء كان زوجا أو أخا أو غير ذلك. فلدينا من يسامح طوال حياته، ولدينا من لا يسامح ولا مرة واحدة في عمره.
غير أن الأخطاء تختلف.. ففي بعضها ذنوب لا تغتفر وجرائم تعاقب عليها القوانين، وبعضها يتراكم ليصبح مع الزمن إساءات شريرة لا تنتهي.
وإذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة كما يقولون، فإنه أيضا أول خطوة نحو النجاح في العمل أو الحياة. فكل عظماء وعباقرة الدنيا أخطأوا في بدايات حياتهم وتعلموا من أخطائهم، ثم حققوا كل ما يريدون بفضل عدم المكابرة والاعتراف بالتقصير. بل إنني أعرف أشخاصا لا يملون من توجيه اللوم إلى أنفسهم على أي خطأ تافه قاموا به، وربما على لا شيء، وأحيانا يلعنون ذاتهم.. وتلك مأساة ما بعدها مأساة.
اليوم الصواب قليل ومحتمل، والخطأ كثير وممتد ويشمل كل شيء. فهناك أخطاء لغوية وطبية ومحاسبية وفنية. ولدينا أيضا أخطاء يرتكبها النباتيون والذين يخففون أوزانهم والذين يبدأون في عمل تجاري.
وتوجد أخطاء في شواء الدجاج وفي شراء الملابس وفي غسل الشعر ورفع الأثقال وعمل الماكياج وصنع الكيك. والمؤكد أيضا أن هناك أخطاء في تربية الأطفال وفي التصوير والإضاءة في المنزل.
هل يحتاج القارئ إلى المزيد؟ لا أظن. لكن يكفي أن يعترف الإنسان بخطئه وكفى!