زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

لعنة المومياوات

أثار موضوع موكب المومياوات الذي سار في شوارع القاهرة السبت الماضي العديد من القصص الخيالية بين أفراد الشعب المصري، بل إن بعض المرشدين السياحيين والصحافيين قد أشاعوا أن هذا الموكب قد تسبب في حدوث لعنة الفراعنة، وخاصة أنه قبل الموكب بأيام بسيطة جنحت سفينة بنمية داخل قناة السويس مما تسبب في خسارة مصر نحو 14 مليون دولار يومياً، وسقطت عمارة سكنية في حي جسر السويس بالقاهرة مما أدى إلى وفاة العديد من السكان، وتَصادَم قطاران بمحافظة سوهاج مما أسفر أيضاً عن مقتل العديد من المواطنين. ووصل الأمر إلى أن أحد الأصدقاء قد هاتفني منزعجاً: «أرجوك كلم د. خالد العناني كي يلغي موضوع نقل المومياوات»، وعندما سألته عن السبب قال لي: «لقد أصبت بكورونا أنا وزوجتي وأولادي بسبب المومياوات!!»، حينها قلت له إن المومياوات لم تنقل هذه المرة فقط، بل إنه وبعد اكتشاف خبيئة الدير البحري ومقبرة الملك أمنحتب الثاني تم نقل المومياوات إلى القاهرة عدة مرات؛ الأولى عام 1881 ودخلت القاهرة تحت مسمى «سمك مملح»، لأن موظف الجمارك لم يجد كلمة مومياء ضمن دفاتر الجمارك. وقد تم فك لفائف مومياء الملك رمسيس الثاني أمام الخديوي توفيق عام 1886، ثم نقلت مرة أخرى إلى متحف بولاق، ولكن بعد أن حدث فيضان أغرق المتحف تم نقلها مرة ثالثة إلى قصر إسماعيل باشا في الجيزة. وبعد أن تم إنشاء المتحف المصري عام 1902 تم نقل المومياوات إليه لكنها لم تعرض على الجمهور إلا عام 1958، ولم يحدث خلال هذا النقل أي أحداث نسبت للعنة الفراعنة.
وقد حدثت لي بعض المصادفات التي أرجعتها الصحافة إلى لعنة الفراعنة، وخاصة عندما قمت بفحص مومياء الملك توت عنخ آمون بجهاز الأشعة المقطعية، فقد كنت أنتظر في الفندق حتى جاءني د. مصطفى وزيري (أمين عام المجلس الأعلى للآثار حالياً)، وذهبنا إلى الوادي، وفجأة أوقف السائق العربة وكاد يدهس طفلاً، حينها ضحك وزيري وقال لي تلك بداية اللعنة. وبعد ذلك وأنا في الطريق اتصلت بي أختي لتخبرني بأن زوجها قد توفي. وبعد وصولي إلى وادي الملوك وجدت اتصالاً من ياسر شبل سكرتير فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك ليخبرني بأن الوزير قد أصيب بأزمة قلبية ونقل إلى المستشفى. وبعدها قمت بإجراء حديث للتلفزيون الياباني وفجأة حدثت سيول وأمطار عنيفة لم تحدث في الوادي من قبل. وعندما أخرجنا المومياء ووضعناها داخل جهاز الأشعة المقطعية توقف الجهاز عن العمل لمدة ساعة. وهنا نسي الصحافيون الدراسات التي قمنا بها لفحص المومياء، وتحدثوا عن لعنة توت عنخ آمون. وتكمن حقيقة اللعنة في أن وجود مومياء داخل المقبرة المغلقة من آلاف السنين يخرج منها جراثيم غير مرئية، وكان علماء الآثار في الماضي يدخلون مباشرة إلى داخل المقبرة ويتعرضون لتلك الجراثيم التي تؤدي للوفاة، وحالياً نقوم بفتح المقابر لتهويتها كي تخرج منها الجراثيم ثم ندخلها بعد ذلك.
لا يوجد شيء اسمه لعنة الفراعنة...