د. محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

«كورونا» والجبنة السويسرية

استنبط خبير الفيروسات النيوزيلندي من الجبنة السويسرية ذات الثقوب المفرغة نموذجاً ذكياً للحد من انتشار فيروس «كورونا». فهو يرى أنه لو وضعنا شرائح متراصة بعضها فوق بعض، من الجبنة السويسرية، سيمكننا حماية أنفسنا من الإصابة بمرض «كوفيد - 19». فقد شبه إيان ماكاي الجبنة بحوائط صد عديدة ما أن ينفذ الفيروس من ثقب تلو آخر حتى تصده كتلة الجبنة التالية فيتوقف. وهو في هذا النموذج يفترض أنه «لا يوجد تدبير احترازي يمكنه بمفرده تحقيق وقاية من الإصابة بمرض (كوفيد - 19) بنسبة مائة في المائة، لكن الاستعانة بتدابير (طبقات وشرائح) متنوعة كفيلة بإقامة حائط صدّ أمام العدوى» وفق تقرير لـ«بي بي سي».
ومفهوم حائط الصد هو الذي يكشف هشاشة أي نظام. وما الطابور الخامس سوى محاولة لاختراق جدار استقرار البلدان والمؤسسات. وكذلك نظام بطاريات صواريخ الباتريوت الدفاعي هو في الواقع حائط صد ينطلق نحو الأهداف الهجومية ما أن تخترق مجالاً جوياً محدداً. وفي المطارات الأميركية كان هناك ثغرة أمنية، ربما وحيدة في العالم، حيث يذهب من «يودع» المسافر إلى باب الطائرة في ظل غياب غريب لأجهزة التفتيش. وهو عكس ما يجري بمطارات العالم منذ عقود. ثم انقلب الأمر رأساً على عقب بالمطارات الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) المتمثل بهجوم الطائرات على برجي التجارة في نيويورك. بل حتى المبنى نفسه من شدة صلابة جدرانه استقرت الطائرتان فيه ولم تنفذا من الجهة الأخرى.
والمتأمل لجميع حالات القرصنة الإلكترونية يجدها مساعي خبيثة لاختراق جدران إلكترونية حتى تشل النظام برمته أو تتحكم فيه. وفي المستشفيات عندما ينقطع التيار الكهربائي ينطلق المولد البديل لحماية أجهزة غرف العناية المركزة وأرواح الناس.
ولا تكاد تخرج سيارة من مصنع ولا منتج أو سلعة معتبرة حتى تجتاز جدران الجودة. وما استحقاق الحصول على شهادة «الأيزو» إلا تخطٍ لاختبارات أو حيطان اختبار جودة العملية أو المنتج.
وفي أزمة «كورونا» اكتشف العالم «رخاوة» ما بنينا من حوائط صد للأزمات. وكذلك الفيروس نفسه هو في رحلة اختراق جدران خلية البشر حتى يستقر فيها. ولحسن الحظ فإن اللقاح لا يخترق النواة، ولا يغير خواص البشر، كما يزعم مروجو الامتناع عن أخذ اللقاح. ولو كان الأمر صحيحاً لما قدمت بريطانيا لقاح فايزر الأميركي لملكتها التسعينية.