هيثم المالح
عضو الائتلاف السوري المعارض
TT

شكرا لاريجاني

منذ أيام قليلة زار علي لاريجاني، القيادي البارز في الإدارة الإيرانية، لبنان والتقى بزعيم «حزب الله» حسن نصر الله وأطلق تصريحه المهم: «إن (حزب الله) تيار فاعل في الشرق الأوسط أكثر من دول عدة، وإن الأزمة السورية لا يمكن أن تحل إلا سياسيا». كما ذكر في سياق كلامه كلا من التنظيمين الفلسطينيين حماس والجهاد.
يحمل تصريح لاريجاني عنجهية فارسية واضحة، وبهذه الصفة أطلق على ما يسمى «حزب الله» صفة «تيار»، في حين أن الحزب يسمي نفسه حزبا وليس تيارا لأن التيار قد يضم أكثر من تنظيم في المفهوم العام، ولكن «حزب الله» إنما هو حزب شيعي متعصب مغلق على طائفة معينة، بل وعلى فئة من الطائفة الشيعية التي تؤمن بما يؤمن به الأمين العام للحزب حسن نصر الله في ما يسمى بولاية الفقيه، التي تجعل من ينضوي تحت راية الحزب يتبع السياسة التي يمليها الفقيه المعصوم والموجود في إيران وليس في لبنان، وهي أخطر نقطة في هذا المفهوم، إذ تخرج التابعين من الولاية لبلدهم إلى الولاية لبلد آخر. ولكي يغطي لاريجاني على النظرة المتعصبة، استعمل ورقة المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد حتى يقال إنه أو إن القيادة الإيرانية لا تفرق بين سني وشيعي، وهي لعبة مكشوفة ولم تعد تنطلي على أحد.
لا شك أن خلط الأوراق بهذا الشكل يهدف إلى إظهار عدم الانحياز لطرف عقدي على آخر، وهو من صميم عقيدة التشييع المبنية على التقية، فنظام الملالي في طهران قام على أساس عصبوي يتستر بستار دين الإسلام ويرفع شعار آل البيت كذبا وزورا، فحين عاد الخميني من منفاه في باريس، وأثناء مؤتمر صحافي، سأله أحد الصحافيين عن مسألة تصدير الثورة وهل هي ضمن برنامجه، فنفى ذلك نفيا قاطعا، ثم صيغ دستور الدولة الإيرانية الذي كشف تعصبا واضحا، فهو لا يعتمد الشريعة الإسلامية كمصدر وإنما المذهب الشيعي الاثنى عشري بشكل مغلق ضيق.
ما إن بدأت مسيرة الدولة حتى وقع صدام بين ما يسمى «المحافظين» أي الملالي وبين «الإصلاحيين»، وكان ذلك أثناء وجودي وزملائي في السجن مطلع عام 1980، وقد شبهت ذلك الصراع بـ«صراع الاكليروس الكنسي في العصور الوسطى»، وطبعا تغلب الملالي، وقتل من قتل من الإصلاحيين وهرب من هرب منهم وبقي آخرون تحت الحجر والحصار، ومضت سنون وشاهدنا كيف سيطرت طهران على العراق عقب الغزو الأميركي وتم تنصيب المالكي رئيسا للوزراء فقتل من قتل وخرب العراق وأهله تحت المظلة الإيرانية.
وانتفض الشعب السوري بثورته في مارس (آذار) 2011 وبدأ المرشد الإيراني خامنئي مسلسل خطب كلها تتضمن تحريضا لبشار الأسد على قتل السوريين وتصفية الثورة بأي ثمن، واستمر ذلك نحوا من عام، وكان ينتظر أن يحسم الموقف لصالح نظام القتل والإجرام في دمشق، ولكن الشعب البطل استمر يقاتل الظلم والطغيان في مسيرته نحو الحرية والكرامة والعدالة.
زج نظام الملالي «حزب الله» في أتون الصراع بين الشعب السوري وعصابة القتل في دمشق، واتخذ رئيس الحرس الثوري الإيراني من دمشق قاعدة له للتدريب وإدارة الصراع متحيزا للقتلة الذين يملكون الجيش وأجهزة الأمن وترسانة الأسلحة الكيماوية وغيرها، ونسق نظام الملالي مع موسكو التي انضمت إلى معسكر الشر لقتل الشعب السوري وتدمير بلده وتهجيره في بقاع الأرض، فضخت للقتلة السلاح بلا حساب ووقفت إلى جانبهم في المحافل الدولية وأرسلت خبراءها لمساعدتهم عسكريا، بينما حشد ملالي طهران مقاتلين شيعة حاقدين من كل مكان من أفغانستان إلى اليمن، حشدوهم في سوريا من أجل قتل الشعب السوري وانتقاما تحت شعارات استفزازية مثل «ثارات الحسين» و«لن تسبى زينب مرتين» وأمثال هذه الشعارات التي تستفز حقد وكراهية الجاهلين من الشيعة ضد أهل السنة في سوريا ودفعهم لممارسة سادية ارتكاب أبشع الجرائم من قتل وتقطيع أوصال واغتصاب.
وهكذا كان عناصر «حزب الشيطان» العمود الفقري لتجمع الكراهية الشيعية في سوريا، هذا التجمع هو من أبقى النظام على قيد الحياة طيلة سنوات الثورة، وقد أمدّ نظام الإجرام في دمشق هذا الحزب بالسلاح والعتاد على مر السنين فردّ الحزب ذلك بأن دعم هذا النظام في قتل الشعب السوري.
فإذن لماذا لا يكون هذا الحزب فاعلا أكثر من دولة في الشرق الأوسط وهو قد اختطف لبنان بقوة السلاح ودعم القتلة في دمشق؟ وقد أعطانا لاريجاني بكلمته هدية بأن فضح كذب وخداع نظام الملالي في طهران من عدم الرغبة في تصدير الثورة بينما يشارك نظام الملالي نفسه في كل حركات التخريب في العالم العربي.
لقد أوضح الكثير من القادة الإيرانيين إبان الثورة السورية بأن لديهم خلايا نائمة في كل مكان يمكن أن يدفعوها للتحرك حسب أجندتهم، وكذلك صرح بعض قادة الملالي بأن حدود إيران على شواطئ المتوسط وأنهم يسيطرون على 4 عواصم عربية (بغداد، دمشق، بيروت، صنعاء) بعد أن حركوا الحوثيين لاحتلال المدن اليمنية، في الوقت الذي نجد الدول الإقليمية والمجتمع الدولي يغط في سبات عميق.
من هنا أريد أن أبين أن نظام ملالي طهران يستعمل التقية والكذب والخداع منذ وصوله إلى السلطة في طهران، وأن شعارات أهل البيت ما هي إلا خدعة للبسطاء الجهلة من الشيعة حتى يلتحموا بقيادة الملالي في طهران، وأن عين الملالي على العالم العربي يتحينون الفرصة لبسط نفوذهم عليه، وهذه القيادة إنما تكشف عن حقيقة ثابتة تقول إن ملالي طهران تشكل رأس الأفعى بالنسبة إلى المنطقة العربية، بل وهي أخطر بكثير من المنظمات المتطرفة الموجودة على ساحة العراق وسوريا.
إنني أحذر دول المنطقة الإقليمية كافة، كما أحذر المجتمع الدولي من الركون إلى تصريحات وعهود ملالي طهران التي يطلقونها مرحليا، بينما يخططون للسيطرة على المنطقة.