قرأت تصريحا لمهاجم فريق الهلال لكرة القدم يوسف السالم مضمونه أن دكة البدلاء في الهلال دمرته فنيا ونفسيا.
والواقع أن يوسف السالم الذي خطفه الهلال كان مهاجما أساسيا في الاتفاق قبل الانتقال إلى الهلال، وكان قبل ذلك هداف القادسية البارز قبل أن ينتقل لفترة قصيرة إلى الشباب. أي أن السالم لعب لـ4 فرق، بيد أن النجاح لم يحالفه في كل المحطات. كان متألقا جدا، لفت الأنظار إلى موهبته وفرض نفسه دوليا، ثم خطفه الشباب، فلم تكن التجربة ناجحة. ذهب إلى الاتفاق ونجح مجددا، وكرر تجربة الصعود إلى أعلى بالانتقال إلى الهلال، وتكرر الفشل إن صح التعبير لأن الحقيقة أن السالم لم يفشل فعليا، بيد أن الهلال كان أقوى من الاتفاق فلم يستطع أن يزيح اسما كبيرا من الأساسيين. عندما جاء إلى الشباب أيضا وفي قمة توهجه لم يستطع أن يخطف المقعد الأساسي لفترة طويلة وواجهته مشكلات خارج الملعب على ما أذكر ولم تنجح التجربة.
يوسف السالم مجرد مثال أو نموذج، وهناك عشرات اللاعبين عاشوا أو يعيشون مرارة وقسوة دكة البدلاء أو مقاعد الاحتياطيين، وكنت قرأت الرأي العلمي في هذا الشأن وسبق لي أن كتبت قبل سنوات في هذا الموقع عن «الدكة» التي يمكن أن تكون قاعدة ومنطلق النجومية إن أحسن الظن بها وإن تم التعامل معها باحترافية.
وللذين لا يعترفون بأهمية الجانبين النفسي والذهني أقدم النجم يوسف السالم نموذجا، فإذا كان الجانب النفسي ليس مهمّا في كرة القدم، فكيف تتعامل الإدارة مع مثل هذه الحالة؟!
يوسف السالم وزميله القادم من الاتفاق الحمد يتشابهان كثيرا ولا يختلف عنهما عبد الله الحافظ وعبد الله عطيف، هؤلاء لم يحظوا باللعب كأساسيين في الهلال وهم جاءوا على أمل اللعب في الصفوف الزرقاء، ولا شك أن لاعبين آخرين في الأندية الكبيرة الأخرى يعانون من نفس المشكلة، وهذه الحالات تكثر في الأندية الغنية الزاخرة بالنجوم وعلى رأسها الهلال والأهلي. وكم من لاعب بارز جاء للأهلي في السنوات الأخيرة ولم يلعب، وقد دفع كثيرون ثمن القدوم إلى الأهلي فنيا بسبب عدم اللعب «أساسيين»، كما عانى من ذلك لاعبون جاءوا للاتحاد في سنوات توهجه وجاوروا الدكة ثم رحلوا بصمت!
اللاعب الطموح الذكي هو من يستغل هذا الوضع لصالحه، فيتأمل ويتابع بدقة ويدون الملاحظات ويعيد مشاهدة المباريات ويكتشف خطأ زميله، هو من يتخلص من الحقد أو الغيرة ويقنع نفسه أنه يملك إمكانات كبيرة ولا تنقصه إلا إشارة المدرب باللعب والانعتاق من أسر الدكة.
لا يجب أن يستسلم اللاعب للوساوس، بل عليه أن يحتفظ بالثقة العالية في نفسه، وأن ينتظر لحظة التحدي ليبرهن لمدربه على أنه يستحق الخانة. ولا يجب أن ننسى أن مسألة الكفاءة مهمة، والنادي الكبير يملك لاعبا كبيرا في مركز ما، لكنه حريص على الاحتفاظ بنجم آخر لا يقل كفاءة. ليس ذنب النادي اللجوء إلى دكة بدلاء قوية ما دام أنه يسعى للإنجاز، ولكن ليس من العدل أيضا جلب نجوم لا يحتاج إليها لمجرد التكديس واستعراض العضلات.
بعض نجوم العالم استفادوا من دروس الدكة فانطلقوا وأبدعوا. بالصبر وعدم الشكوى والتدريب الشاق والسعي لتلافي العيوب والنواقص يمكن لصديق الدكة أن يودع عالم المظلومين ويحلق في سماء المبدعين.
[email protected]
TT
«الدكة».. تدمر هذا النجم!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة