زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

المسلّات المصرية

سمعت أن هناك فيلماً قد عُرض في المنتدى الثالث لشباب العالم في شرم الشيخ عن المسلات المصرية، وللأسف الشديد لم أشاهد الفيلم، وأتمنى أن يعرض في التلفزيون المصري. وخلال الندوة التي شاركت فيها عن حضارات البحر المتوسط فقد قابلت المرشدة التي علقت على الفيلم، ولكن للأسف لم أدون اسمها، نظراً لالتفاف العديد من الشباب حولي بعد المحاضرة لتوجيه العديد من الأسئلة حول الحضارة الفرعونية وحضارات الفينيقيين واليونان والرومان.
وإذا حاولنا أن نشاهد أقدم مسلة مصرية موجودة لدينا فعلينا أن نذهب إلى عين شمس لكي نشاهد المسلة التي تعود إلى عصر الملك سنوسرت الأول من الدولة الوسطى والتي قطعت أحجارها من أسوان وتزن حوالي 121 طناً، وقد قمت أثناء إشرافي على آثار مصر أن حولت هذه المنطقة إلى متحف مفتوح، ووضعت حول المسلة العديد من التماثيل التي تم كشفها بمنطقة عين شمس.
ويجب أن نعرف أيضاً أن المصري القديم كان يضع مسلات صغيرة أمام المقابر، وقد عثرنا على العديد من هذا النوع من المسلات أمام مقابر الدولة القديمة بالجيزة وسقارة. وكانت المسلة تحمل ألقاب الملك وصلته بإله الشمس رع، حيث إن قمة المسلة كانت تأخذ الشكل الهرمي، وكان هذا الشكل يطلق عليه الفراعنة اسم الـ«بنبن». ولنا أن نتصور أن منطقة عين شمس أهم منطقة أثرية في مصر، وكان يوجد بها أقدم جامعة في التاريخ، وكانت تدعى جامعة «أون»، تعلم فيها سيدنا يوسف والعديد من الفلاسفة اليونانيين أمثال أرسطو وأفلاطون. وخرج من هذا المكان المذهب الشمسي المرتبط بالإله رع إله الشمس، وأخرجوا لنا نظرية التاسوع من هذا التل المعروف باسم التل الأزلي.
ومن هذا المكان تصور المصري القديم أن طائر الـ«نبو» الذي يمثل إله الشمس يقف على فرع شجرة على شكل هرم، ولذلك اتخذ الملك الشكل الهرمي لكي يدفن أسفله ليصعد عن طريقه إلى إله الشمس رع. ولذلك كان يعلو قمة المسلة الهريم الصغير الذي كان يطلى بالذهب الأحمر والأبيض. ولكن المسلات انتشرت أكثر خلال عصر الدولة الحديثة، ولدينا العديد منها كانت تقام أمام معبد الأقصر وداخل معبد الكرنك، وللأسف الشديد سرقت العديد من المسلات، وظهرت في باريس ولندن وإسطنبول ونيويورك، وتسجل أغرب سرقة لتراث مصر العظيم.