إميل أمين
كاتب مصري
TT

في الطريق إلى قمة الرياض

تبدو المملكة العربية السعودية، رغم الأعباء الجسيمة التي ألقتها جائحة كورونا عليها، كما على كل بلاد العالم، مركزاً متقدماً للنشاط الإنساني والوجداني في الطريق لدفع البشرية إلى سواء السبيل، خاصة في ظل هذه الأوقات الحرجة.
رويداً رويداً يقترب موعد انعقاد قمة العشرين في الرياض، وسواء انعقدت القمة على الأرض، أم في الواقع الافتراضي، ذاك الذي تجاوز السدود والحدود، فإن رؤى وتوجهات القيادة السعودية الرشيدة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تقطع بأنَّ عالماً جديداً من الجسور يولد في الآفاق الكونية الرحبة لجمع شتات البشر من كل صوب وحدب.
في هذا الإطار، وفي مبادرة لتفعيل دور الأديان والثقافات والحضارات في أحوال السياسات العامة، يسارع مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات «كايسيد»، وبالتعاون مع جهات شريكة، مثل جمعية منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، ومبادرة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، واللجنة الوطنية لمتابعة مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في المملكة، إلى جمع مئات من القيادات الدينية من مختلف الديانات معاً في مدينة الرياض لإثراء جدول أعمال السياسات العامة لقمة العشرين.
ما الذي يعكسه هذا التوجه الإنساني الخلاق معاً؟
باختصار مفيد، يعني أن في المملكة عقولاً واعية للدور الحقيقي لرجال الدين في قيادة البشر إلى برّ الأمان، وفي خلق حالة عامة من الوفاق، ولا سيما أوقات المحن الكبرى، فالدين هو أقرب مرفأ في أوقات العواصف، كما أشار «جورج برناردشو» ذات مرة.
في فبراير (شباط) الماضي، كانت المملكة تفتح أبوابها واسعة لاستقبال وفد من مجلس إدارة مركز الحوار العالمي، الذي يتألف من ممثلين بارزين عن الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية والبوذية والهندوسية، وفي رحابة استقبال الملك سلمان، الذي أشاد بعمل المركز في دعم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وتشجيعه.
تضع المملكة في إدراكها أن العالم ليس في حاجة إلى إعادة قراءة مستقبل الاقتصاد حول الكرة الأرضية فحسب، وإنما تهتم بأن تجعل للأفق الروحي حضوراً في زمن كادت فيه الماديات تسحق الروحانيات، وهو دور يتسق مع العمق الروحي والإيماني للمملكة، قبلة العالم الإسلامي ومركز التوجيه الروحي لنحو ملياري مسلم في أرجاء المسكونة.
يذهب السيد فيصل بن معمر، الأمين العام لـ«كايسيد» إلى أن المركز، منذ نحو عقد من الزمن، ما يزال يعمل يداً بيد مع شركائه على بناء جسور الحوار بين أوروبا والمنطقة العربية والشرق والغرب والسياسة والدين، ولدعم المجتمعات الدينية في جهودها لتعزيز الرفاه الاجتماعي، ونزع فتيل الصراع، ودعم الاندماج والتماسك. ما الذي يخطط له مركز الملك عبد الله قبل انطلاق قمة العشرين في الرياض؟
بحسب الأمين العام للمركز، وإيماناً بدور الشباب الذين يمثلون نحو 16 في المائة من سكان العالم، فإن «كايسيد» سينظم منتدى للشباب، لجمعهم وربطهم بالقيادات الدينية وصانعي السياسات، قبيل انعقاد منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين عام 2020. وسيجمع المركز كذلك 200 زميل وزميلة من برنامج «كايسيد» للزمالة الدولية، في مؤتمر للزملاء الخريجين، مدته 5 أيام، قبل انعقاد هذا المنتدى المهم.
ما تقدم في واقع الحال ليس خبراً، بل رؤية لتغيير وجه العالم عبر شباب اليوم، قادة الغد، وصناع قراره، وناسجي خيوطه ومقرري خطوطه، سلماً أو حرباً، جسوراً أو جدراناً.
شباب «كايسيد» حملة مشاعل تنويرية يسعون حول الأرض رسلاً للسلام، عبر تعزيز ثقافة الحوار، واختيار درب الجوار، في طريق مواجهة التحديات المجتمعية التي تواجه البشرية، من كل صوب وحدب.
تبدو الجهود التي يبذلها «كايسيد» في الطريق إلى قمة الرياض، ولا سيما ما يخص قطاع الشباب بنوع خاص، رائدة، وهي تعزز من قدراتهم في مجال مكافحة خطاب الكراهية والتطرف عبر الإنترنت، وتدعوهم إلى الاعتدال والاندماج مع أقرانهم.
الأثر الطيب للمملكة ولـ«كايسيد» حول العالم سوف يتضح جلياً في قمة الرياض هذا العام من خلال أعمال منتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، تلك المنصة السنوية التي تمكن شبكات وجهات فاعلية دينية من المشاركة في جداول الأعمال وجدول أعمال البلد المضيف.