قبل أسبوعين فقط، ذكرت هذه النشرة الإخبارية أن فيروس كورونا يواصل بث المفاجآت بين جموع البشر، وأن الأسواق لم تأخذ الأمر بدرجة كافية من الجدية. حسناً، بدأت الأسواق في اعتبار الأمر وجديته منذ الآن فصاعدا.
سجلت الأسهم تراجعات كبيرة اليوم، مع مؤشر داو جونز الذي سجل خسارة بمقدار ألف نقطة كاملة، ويرجع ذلك إلى الأنباء التي تفيد بالانتشار السريع للغاية الذي يحققه فيروس كورونا في إيطاليا وفي أماكن أخرى. ويبدو أن الجهود المبذولة لاحتواء تفشي الوباء قد باءت بالفشل حتى الآن، وربما أننا لا نرى إلى أعلى قمة الجبل الجليدي الكبير مما يخبئه هذا الفيروس للبشرية. ولا يزال الأمر يتحرك على مسار التحول إلى كارثة عالمية.
وتثير الحالات المصابة بالمرض في إيطاليا القلق بصفة خاصة، حيث إن منشأ الإصابة غير واضح على نحو محدد. ومن المحتمل أن المرض كان يواصل الانتشار من دون اكتشاف ذلك خلال الأسابيع الماضية، وهو نبأ سيئ للغاية بالنسبة لمكافحة الوباء وتفاديه. ولم يصل الوباء إلى الولايات المتحدة الأميركية حتى اللحظة، بقدر المعلومات التي وصلت إلينا. ولكن، ليس من السابق لأوانه وضع نظام الرعاية الصحية الأميركي منقوص التمويل على أهبة الاستعداد. ومن شأن ذلك أن يشتمل على إنفاق المزيد من الأموال، بادئ ذي بدء، لا سيما فيما يتعلق بالاختبارات التشخيصية لمحاولة اكتشاف المرض.
وقبل اليوم بقليل، كانت الأسواق مندفعة على آمال أن تقدم الصين وعدد من البنوك المركزية المعنية ما يكفي من المحفزات للتعويض عن أي خسائر أو تعطيل ناجم عن تفشي الفيروس. كما أن الأسواق تتوقع انتعاشا سريعا للتجارة العالمية، عوضا عن التدهور طويل الأمد. وربما تبدأ الأسواق الآن في مراجعة هذه الآراء ووجهات النظر الحمقاء.
وربما يكون الوقت المناسب قد حان لصناع السياسات الاقتصادية في أوروبا وغيرها من البلدان للاستيقاظ والانتباه لما يجري، وإعادة النظر والتمحيص، وربما اتخاذ بعض الإجراءات. حتى قبل ذيوع أنباء الإصابة الأولى بالفيروس، لم يكن الإنفاق الألماني قويا رغم أن اقتصادها في حالة ركود، في حين كانت توقعات البنك المركزي الأوروبي مفعمة بالتفاؤل. ومن شأن فيروس كورونا أن يغير من هذه الأوضاع على الفور. وانتهج بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة أكثر حذرا، ويقول أحد خبراء الاقتصاد إنه ينبغي على البنك المركزي الأميركي إدخال التخفيضات الطارئة على سعر الفائدة في الوقت الراهن، من 25 أو 50 نقطة أساس، للانتقال خطوة واحدة قبل الأزمة المتوقعة. ولسوف تعتبر هذه الخطوة من المفاجآت النادرة والجيدة التي لم نشهد مثيلا لها في الآونة الأخيرة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»