أليكس ويب
TT

«غوغل» ومكافحة الاحتكار

بالنسبة إلى شركة «غوغل»، فإنها قد ترى أن الاستغناء الجزئي الطوعي عن إحدى شركات الإعلانات المملوكة لها قد يكون حلاً أفضل من أي إجراء قد تتوصل إليه الجهات التنظيمية، فكلما تنازعت الشركات على الصفقات التكنولوجية الكبيرة، فإنهم يميلون إلى الحديث عن عملية شراء «غوغل» لشركة «دبل كليك» بمبلغ 3.2 مليار دولار في عام 2008، لقد قمت شخصياً بذلك 3 مرات في الأشهر الـ12 الماضية، وذلك إلى جانب الحديث عن صفقات شركة «فيسبوك» مع «واتساب» و«إنستغرام» لمكافحة الاحتكار.
ولذا؛ فإنه يمكننا أن نتخيل كيف يمكن أن يتم التفكير في إحدى غرف الاجتماعات في مقر «غوغل» في ماونتن فيو في ولاية كاليفورنيا، في التخلص من «دبل كليك» باعتبار ذلك حلاً لمشكلات الشركة المتزايدة في مجال مكافحة الاحتكار، حيث قد يقولون إنه «إذا كانت (دبل كليك) هي المشكلة، إذن لماذا لا نقوم ببيعها؟».
ووفقاً لتقرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأميركية، الذي نشر مؤخراً، فإنه قد تم بالفعل إجراء مثل هذه المحادثات غير الرسمية، وذلك باستثناء أنه لم يتم ذكر اسم «دبل كليك» تحديداً؛ وذلك لأن «غوغل» كانت قد قامت بإعادة تسمية الشركة في 2018، حيث باتت تعتبرها شركة الإعلانات الخاصة بها، والتي تضع إعلانات على مواقع الويب الخارجية التي لا تعمل «غوغل» فيها، مثل وضع الإعلانات في مواقع الأخبار.
وأرى أن بيع جزء من شركة للإعلانات هو بمثابة تنازل كبير، وصحيح أن متحدثة باسم «غوغل» قد أخبرت «وول ستريت جورنال» بأن الشركة ليس لديها خطط للخروج من الشركة بشكل كامل، لكن بيع نشاط تجاري تابع لها يكشف عن هيمنة «غوغل» على الإعلانات عبر الإنترنت، فهي و«فيسبوك» هما حراس البوابات لنحو ثلثي إجمالي الإنفاق على الإعلانات عبر الإنترنت.
ووفقاً لمجلس أبحاث الإعلانات العالمي، فإن مجموع هذه النفقات قد بلغ 295 مليار دولار على مستوى العالم العام الماضي، وقد حصلت «غوغل» على 46 في المائة من هذا الرقم، في حين تم تحويل بعضها إلى جهات أخرى، فعلى سبيل المثال، عند عرض إعلان أثناء أو قبل مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» فإن «غوغل» تقوم بتسليم نحو 55 في المائة من الرسوم لناشر الفيديو.
وقد حققت وحدة أعضاء شبكة «غوغل» مبيعات بلغت 21.5 مليار دولار العام الماضي، وكان معظمها على الأرجح لمواقع خارجية، وهذا يزيد بنسبة 40 في المائة على المبيعات المستمرة لمدة 12 شهراً لشركة WPP Plc، وهي أكبر وكالة إعلانات في العالم، لكن كنسبة من مجموع مبيعات الإعلانات في العالم، فهي مجرد قطرة في المحيط، ويبقى العمل الأكثر دخلاً لـ«غوغل» هي الإعلانات التي تظهر في نتائج البحث، والتي تمثل 73 في المائة من إجمالي إيرادات الشركة من الإعلانات، وعلاوة على ذلك، فإنه يبدو أن قيمة الإعلانات التجارية الموجودة في كل زاوية وركن من شبكة الإنترنت في طريقها للانخفاض أيضاً، وذلك وسط الحملة المفروضة على ملفات تعريف الارتباط للجهات الخارجية.
وقد تحدثت «وول ستريت جورنال» عن احتمالية سحب «غوغل» نسبة من شركة الإعلانات الخاصة بها كرد فعل على تحقيق وزارة العدل الأميركية في مكافحة الاحتكار، والذي يركز على الإعلانات الخاصة بشركة «غوغل»، وعندما يتعلق الأمر بضرورة تقليل هيمنة «غوغل»، فإن الإعلانات هي المكان الذي يجب أن ينصب عليه التركيز بالكامل بدلاً من التطبيقات التي يهتم بها المستهلك مثل «جيميل» أو خرائط «غوغل» أو محركات البحث أو «يوتيوب»، والمجال الذي يتطلب الفحص الدقيق هو التحكم الذي تمارسه «غوغل» على الكثير من عمليات تقديم العطاءات، وهي المرحلة التي تقوم فيها الشركات بتقديم عروض أسعار ضد بعضها بعضاً لوضع الإعلان أمام المستخدم.
والمشكلة هي، أن «غوغل» تمتلك أكبر خادم إعلانات، وأكبر منصة للبيع والشراء، وكما كتبت من قبل، فإن ذلك يشبه بأن يكون الشخص هو صاحب المزاد ووكيل البائع، ووكيل المشتري، وما هو أكثر من ذلك، هو أنه نظراً لأن «غوغل» يمكنها أن تختار ما إذا كان سيتم توجيه الإعلان إلى منصاتها الخاصة مثل «يوتيوب» أو «جيميل» أو مواقع الويب الخاصة بالآخرين، فإنها قد أتيحت لها الفرصة لتوجيه الإنفاق الإعلاني بطريقة تصب في صالحها.
وصحيح أن انفصال «غوغل» عن شركات الجهات الخارجية سيؤدي إلى تقليل المخاوف بعض الشيء، لكن يبدو أن وزارة العدل الأميركية لن تتوقف عند هذا الحد، وسيكون من الجيد أن نخطو خطى هيئة المنافسة والأسواق البريطانية، والتي أبرزت كيف بلغت تكلفة رأس المال لـ«غوغل» نحو 9 في المائة في عام 2018، في حين أن العوائد تجاوزت 40 في المائة، حيث قالت الهيئة، في تقرير نشر في ديسمبر (كانون الأول)، إن «هذه المعلومة تكشف عن استغلال السوق»، وقد طرحت الهيئة إجراء «فصل لخادم الإعلانات عن بقية أعمال (غوغل)».
وفي حين أن الاختلافات في قانون مكافحة الاحتكار تعني أنه قد يكون من الأسهل معالجة تلك المخاوف في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة، وذلك وفقاً لمحللي «بلومبرغ» إنتليغنس جينيفر ري، وأيتور أورتيز، فإنه يبدو أن الجهات التنظيمية تتحرك في الاتجاه الصحيح، وحقيقة أن البعض داخل «غوغل» يفكرون في تصفية بعض استثمارات الشركة كتنازل، فإن ذلك يوضح مدى جديتهم في التعامل مع هذا التهديد، فمواجهة المشكلة الآن أفضل من محاولة محاربة شيء أسوأ في وقت لاحق.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»