مارك غيلبرت
TT

المملكة المتحدة تستفيق على حقيقة موجعة

يبدو أن المملكة المتحدة تسير وهي مغيبة باتجاه الرحيل عن الاتحاد الأوروبي، مثلما كادت تفقد اسكوتلندا في استفتاء أجري حول الاستقلال الشهر الماضي. خلال اجتماعات عقدت مع قيادات عالم الأعمال خلال المؤتمرات السنوية للأحزاب الرئيسية الثلاثة على مدار الأسابيع الماضية، حظيت قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي بالاهتمام الأكبر.
خلال مؤتمر لحزب المحافظين الأسبوع الماضي، شرح مسؤول تنفيذي رفيع المستوى من شركة «رويال داتش شل»، أكبر شركة نفطية أوروبية، في حديث له معي، كيف أن الجدول الزمني للأحداث السياسية بالمملكة المتحدة أصبح عائقا أمام الاستثمار، حيث لا يزال المجال مفتوحا أمام الانتخابات الوطنية المقرر عقدها في مايو (أيار)، وهناك مخاطرة ليست بالهينة وراء عقد استفتاء حول الانسحاب من الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2017، بجانب المخاطرة الإضافية المنطوية على التصويت بنعم في هذا الاستفتاء، والذي سيعقبه عامان من المشاحنات والنضال في خضم سعي بريطانيا لإعادة تعريف مكانها في العالم.
بالنظر لما سبق، أعرب مسؤول «شل»، الذي رفض الكشف عن هويته، عن اعتقاده أن بريطانيا تنتظرها خمس سنوات من التوتر والاضطراب، وهي فترة طويلة للغاية لأي شخص يواجه ضرورة الاختيار ما بين بناء أو توسيع مصنع داخل المملكة المتحدة والتحول إلى دولة أخرى داخل أوروبا. خلال جولتين انتخابيتين خاصتين بالأمس، صاغ حزب استقلال المملكة المتحدة حملته على أساس بيان مناهض بقوة للاتحاد الأوروبي. وفاز الحزب بأول مقعد له في مدينة كلاكتون خلال الساعات الأولى من هذا الصباح. كما فاز الحزب بقرابة 39 في المائة من الأصوات في دائرتي هيوود وميدلتون، مما أثر بشدة على نصيب حزب العمال وخفضه لقرابة 41 في المائة، بدلا من نسبة الـ47 في المائة التي كانت متوقعة بناء على استطلاع أجري في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ويعد نجاح حزب استقلال المملكة المتحدة في اقتطاع أصوات من الحزبين الكبيرين دليلا على أن رسالته تترك أصداء لدى الناخبين، بيد أن هذا النجاح يعود إلى الموقف الصارم للحزب تجاه الهجرة أكثر من كونه نتاجا لموقفه من الاتحاد الأوروبي. يذكر أنه في مايو (أيار)، حلت الهجرة محل الاقتصاد باعتبارها القضية التي رأى الناخبون أنها الأكثر أهمية في مواجهة البلاد، تبعا لما كشفته سلسلة من الاستطلاعات أجراها معهد «يوغوف».
قبل ذلك، كان الاقتصاد القضية الأولى منذ يونيو (حزيران) 2010، عندما جاء على رأس القضايا محل الاهتمام خلال استطلاع أجراه «يوغوف»، بنسبة 80 في المائة من الأصوات، بينما جاء الإسكان والصحة في المرتبتين الثالثة والرابعة باستمرار خلال الاستطلاعات.
وعمد حزب استقلال المملكة المتحدة لاستغلال التوتر بين صفوف الناخبين البريطانيين جراء حشود الأوروبيين التي تفد للبلاد للحصول على إعانات رفاه لتعزيز حجته الداعية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وإذا لم يشرع قادة بريطانيا في تناول القضية الأولى، فإنهم سيخسرون معركتهم حول الثانية.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الأسبوع الماضي، أن الهجرة «ستأتي في قلب استراتيجيتي لإعادة التفاوض مع أوروبا». الواضح أنه يتعين على السياسيين البدء في طرح حجج داعمة للمنافع الاقتصادية التي تحملها الهجرة، والاعتراف بأن الأهداف التي حددتها الحكومة للحد من تدفق المهاجرين أتت بنتائج عكس المرجوة، لأنها ببساطة يتعذر تحقيقها وينبغي التخلي عنها.
إن أكبر الدروس المستفادة من التصويت على استقلال اسكوتلندا أنه ليس من المبكر قط البدء في حملات سياسية، وأن التأكيد على الجوانب الإيجابية هو الاستراتيجية الأمثل لهزيمة الاستراتيجيات التي تسلط الضوء على السلبيات. إن نجاحات حزب استقلال المملكة المتحدة هذا الأسبوع صيحة استيقاظ لويستمنستر.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»