ليس من باب الصدف أن يكون تاريخ عيد الاستقلال في لبنان مقارباً جداً لتاريخ ميلاد السيدة العظيمة فيروز.
كل تاريخ منهما له دلالة عظيمة بالنسبة إلى لبنان. الأول دلالة الاستقلال والآخر دلالة الجمال. لبنان آخر وجديد يولد الآن، لبنان الذي لطالما بنته فيروز والرحبانية في المخيلة الفنية يجري تشكيله الآن. لبنان فيروز ظل مثالياً ومختلفاً عن الواقع السياسي الدموي القبيح.
كان لبنان فيروز هو «الكرامة» و«الشعب العنيد» و«بيقولوا صغير بلدي، بالغضب مسور بلدي»، الأيقونة التي تحولت مع الوقت مع شجرة الأرز الشامخة إلى شعار لبنان الخالد.
ترفعت فيروز في فنها على منغصات الطائفية والسياسة، فهي التي أبدعت في «غنيت مكة أهل الصيدا» وهي التي لم تنسَ أبداً «زهرة المدائن» و«شوارع القدس العتيقة»، وصدح صوتها بـ«شام يا ذا السيف لم يزل»، وأبدعت في «مصر عادت شمسك الذهب».
لبنان فيروز مختلف وحالم ومثالي وهو شبيه بلبنان العبقري الفذّ الآخر جبران خليل جبران الذي قال عنه «لكم لبنانكم ولي لبناني». لبنان الذي خرج إلى عالم الاستقلال ببنية طائفية كرّست التفرقة وكان من الطبيعي أن تكون نتيجتها الحرب الأهلية الدموية المدمرة التي حصلت، والتقسيم الطائفي الذي كرّسه الاستقلال في لبنان كان «سابقة» خطيرة مهّدت لظهور تقسيم مشابه في دولة إسرائيل بعد ذلك، وبات مشروع «لبننة» المنطقة هدفاً في حد ذاته. اليوم هناك مشروع استقلال جديد يتم التظاهر لأجله في لبنان، هدفه هو الدولة المدنية بلا أي هوية طائفية تطغى عليها. قالت لي إحدى أهم الإعلاميات اللبنانيات في العالم العربي إنها الآن تعيش أجمل 37 يوماً في حياتها بشعور مزيج من الفرحة والعزة والفخر. مصرفيٌّ لبناني مرموق قال لي: «أريد لبناناً مدنياً ويمثل الكثيرين مثلي بلا طائفية، لبناناً لا يمكن أن يكون الوجه الذي يمثله هو طائفي إرهابي مثل حسن نصر الله».
لبنان فيروز حالم وجميل، وهو كصوتها عالم ساحر وخيالي، وهو التحدي الأعظم الذي يواجه الثوار المثابرين في شوارع وميادين لبنان لتحويل هذا الحلم الجميل إلى حقيقة سياسية. فيروز قالتها: «في شي عم بيصير، في شي بدّو يصير»، كأنها توجه كلامها إلى كل لبناني آمَن بحلمها الجميل وبلبنانها الجميل: «عندي ثقة فيك».
7:49 دقيقة
TT
لبنان وفيروز: استقلال وجمال!
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة