تيم كولبان
كاتب من خدمة بلومبيرغ.
TT

أميركا وحربها على التكنولوجيا الصينية

فتحت الولايات المتحدة مؤخراً جبهة جديدة للحرب على مستقبل التكنولوجيا في الصين. إذا كانت شركة هواوي هي مبعث الفخر والبهجة في البلاد، فإن شركات الذكاء الصناعي الناشئة باتت مستهدفة على قائمة سوداء أميركية جديدة تعتزم واشنطن إصدارها عما قريب.
وتقول المصادر المسؤولة في واشنطن أن كل شركة منها متورطة في تلك انتهاكات وحظرت على الشركات الأميركية التعامل التجارية معها.
تأتي شركة هانغتشو هيكفيجين ديجيتال تكنولوجيز على رأس تلك القائمة، غير أنها لا تحظى بالأهمية القصوى. تعتبر تلك الشركة معنية بالتلاعب في البرمجيات عبر تطبيقات الذكاء الصناعي أكثر من كونها شركة معنية بصناعة الأجهزة الالكترونية. وحازت الشركة سمعة عالمية من صناعة كاميرات المراقبة كما حازت السمعة السيئة لتزويد السلطات الصينية بأنظمة مراقبة الطائفة المسلمة الأقلية. وأسفرت أنباء الحظر الأميركي عن قرار الشركة بوقف تداول أسهمها، كما أسفرت الأنباء ذاتها عن هبوط أسهم شركة إيفلايتيك الصينية بواقع 1.4 نقطة مئوية في التداولات المبكرة.
ومن أبرز الشركات الصينية المدرجة على القائمة الأميركية، في رأيي الشخصي، هي شركة ميغفاي تكنولوجي، وشركة سينس تايم غروب ليمتد. وهما من الشركات الناشئة الرائدة التي تأمل الصين في أن يتحولا بمرور الوقت إلى كبريات الشركات في مجال الذكاء الصناعي.
وتهدف الولايات المتحدة من إدراج هاتين الشركتين على القائمة الجديدة إلى العصف بالمكانة التكنولوجية التي تحظى الصين من خلالها بالفرصة القتالية كي تكون القوة المهيمنة. وفي ظل وجود الحكومة الحريصة للغاية على الاستفادة من أكبر عدد للسكان في دولة واحدة حول العالم، تعتبر الصين أرضا خصبة للغاية لاختار وتطوير ونشر إمكانات الذكاء الصناعي الذي يمكن استخدامه بعد ذلك في مجالات الأمن، والمراقبة، والسيارات ذاتية القيادة، وأتمتة المصانع.
وتتماثل آليات الحظر الأميركي الأخير مع تلك التي استخدمت إزاء شركة هواوي الصينية في شهر مايو/ أيار الماضي، والتي تتطلب من الشركات الأميركية الحصول على تصريح مسبق بشأن بيع مكونات أو منتجات كاملة الصنع إلى تلك الشركة. وتهدد تلك الخطوة بعرقلة أعمال أحد كبار مصنعي الهواتف الذكية ومعدات الاتصالات على مستوى العالم.
ومن المرجح للغاية أن تلعب القائمة الجديدة دورا مماثلا في الحرب التجارية القائمة على مجالها الأوسع. غير أن ذلك لا ينفصل بتمامه عن حزمة العقوبات الأميركية القاسية ضد الصين.
تمكنت شركتا ميغفاي تكنولوجي وسينس تايم من تطوير حزمة من تقنيات الذكاء الصناعي التي تعمل على بيعها لاحقا إلى العملاء في الخارج. وحازت شركة ميغفاي تكنولوجي على سمعة عالمية في برمجيات التعرف على وجوه المستخدمين في الهواتف الذكية، وأصبحت تطالب اليوم بنسبة تبلغ 73 في المائة من مبيعات كافة هواتف الأندرويد المصنعة في الصين. لكن قسم «ستي انترنت الأشياء» لدى الشركة يمثل وحده الآن نسبة 73 في المائة من الإيرادات. ولا تمثل سلسلة التوريد الخاصة باستخدام الروبوتات واللوجستيات سوى 5 في المائة فقط من الإيرادات.
وتعتبر الأعمال في حالة ازدهار، إذ تضاعف عدد المدن التي تنشر عروض شركة ميغفاي تكنولوجي لأكثر من ثلاثة أضعاف من 30 في عام 2016 إلى 106 في العام الماضي، مما عزز من الأرباح بأكثر من 50 ضعفا. ولا تظهر كلمة «شينجيانغ» أو «المراقبة» في نشرة الاكتتاب، في حين ظهرت كلمة «الأمن» مرة واحدة فقط.
والحد من وصول الشركات الصينية إلى تلك المكونات قد يقيد من طرح منتجاتها في وقت يزداد فيه الطلب والنمو القوي. ومع تطوير الذكاء الصناعي الذي أصبح مثل العمليات الصناعية التكرارية، فإن كل مستوى من التكنولوجيا ينطلق من مستوى سابق له، وكل ما يسبب لهم البطء يؤدي إلى تعطيل التقدم الصيني الكبير.
ومن المحتمل أن الإدارة الأميركية لم تكن تفكر في هذا الأمر وتداعياته من هذه الزاوية، ولكن من المؤكد أن بكين تدرك تماما ما تعنيه هذه الخطوات الأميركية الجديدة ولن تتغافل عنها قاصدة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»