علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الهجوم

تلقت السعودية هجوماً على منشآتها النفطية في بقيق، ليتعطل 5 أو 6 في المائة من احتياج العالم من النفط اليومي، وأنتم تعرفون أن المملكة العربية السعودية تنتج 10 في المائة من استهلاك العالم اليومي من النفط، الحوثيون أعلنوا مسؤوليتهم عن الحادث، بغية رفع المسؤولية عن موكلهم إيران، ولكن الناس تعرف أن أدوات الهجوم المستخدمة أكبر من قدرات الحوثي.
كنت قد كتبت في الأسابيع الماضية أن إيران تفرض علينا الحرب، وتعطل التنمية، وتعطل تطور الفرد، وتؤخر حصول الإنسان على حياة كريمة، قياساً بموارد المنطقة، وتؤجل نمو اقتصادنا، وهجوم كهذا، وبهذا الحجم، لا يعتبر فرضاً للحرب، بل يعتبر إعلاناً صريحاً لها، والبركة الإيرانية قد أوقفت عجلة التنمية في أربعة بلدان عربية؛ أولها العراق صاحب الثروة الضخمة والموارد المتعددة، وببركة إيران أهلنا في العراق لاجئون في أوروبا، وفي جميع أنحاء العالم. وقد رأيتهم بأم عيني في المملكة المتحدة البريطانية، وفي أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، أي أن تشردهم وسع جميع قارات العالم.
وفي سوريا التي أصبح مواطنوها مشردي حرب، وفي لبنان التي أصبح فيها «حزب الله» شوكة في حلق كل تنمية في لبنان، لأنه ينظر لمصلحة موكليه الإيرانيين، لا مواطنيه اللبنانيين، وأخيراً ها هو الإيراني يفرض الحرب في اليمن، ويطيل أمدها، بهدف إنهاك الشعوب العربية، وتوجيه المقدرات للحرب بدلاً من التنمية.
في الهجوم الأخير، تسعى إيران لجر السعودية لمواجهة مباشرة معها، مثلما فعلت مع العراق عام 1979 ميلادية، وعطلت تنمية العراق، وإيران تعلم أن جر السعودية للحرب يعني إيقاف الحرب على ربيبها الحوثي، وفي أقل تقدير تخفيف الضغط عليه.
السعودية تعي ذلك أيضاً، ومن المعروف تاريخياً أن سياسة السعودية تتسم بالحلم والأناة والصبر والتحقق من الأمور قبل اتخاذ أي خطوة مقابلة، ولكن هذا لا يعني نسيان الموضوع، فحدث بهذا الحجم يحتاج رداً بحجمه، ولكن ما هي ماهية الرد؟ هل تكون بتكثيف الحصار الدولي، وعزل إيران عن المجتمع الدولي؟ وهذا يكفي أم يعقب ذلك عمل عسكري ينهك إيران؟ فمن المعروف أن السعودية، وعبر شبكة علاقتها الدولية، قادرة على حشد تأييد دولي ضد المعتدي.
المهم في الموضوع أن إيران جار ذو مطامع وأهداف توسعية، ويدفع من قوت شعبه لتحقيق هدفه. وللأسف العرب نائمون عن هذا الخطر، وجامعتهم العربية لا تتخذ خطوات جادة لمكافحة الخطر ودفعه، رغم أن الجامعة العربية تعرف ذلك من خلال سعي إيران لنشر مذهبها الشيعي في البلاد العربية، ومن ثم السيطرة على الشعوب عبر الولاء العقدي.