مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

هل تذكرون «فتى غوغل»... وائل غنيم؟

في مايو (أيار) 2011، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن الرئيس الآفل باراك أوباما أكّد لأحد مساعديه أنه يريد أن يصير الناشط السياسي، المفاجئ للساحة حينها، الشاب المصري وائل غنيم، أو «فتى غوغل»، كما كان يلقبه، طبقاً للصحيفة، «رئيس مصر القادم»، لافتة إلى أن أوباما يأمل أن يفوز «شباب الشارع» في المرحلة المقبلة بمصر.
بينما قال وائل للإعلام حينها إنه لا يفكر في أن يصبح رئيساً لمصر، «موش وقته»، بل قيادة الثورة النقية البهية، وإدارة «الورد اللي فتح في جناين مصر».
بعد ذلك هبَّت رياح عاتية، عصفت بهشيم غنيم، وبقية رفاقه، واعتلى قادة «الإخوان» المشهد، وأزاح مفتي الجماعة يوسف القرضاوي، بجبته وجثته الثقيلة، «فتى غوغل»، النحيل من منصة ميدان التحرير. اندهش وائل وبقية شباب الثورة، كما وصفوا، من جشع «الإخوان»، وسحبهم الضوء منهم، واليوم وبعد غياب صامت، ظهر الفتى، مرشح أوباما، للمشهد من جديد، بهيئة لا تسرّ الناظرين.
ظهر وائل، المقيم في الولايات المتحدة حالياً، بشكل، حسب وصف تقرير «بي بي سي»، وليس وصفي أنا، اعتبره كثيرون صادماً، بعد أن ظهر حليق الرأس والحاجبين، كما بدا عليه الإعياء والانفعال. وذكر غنيم في أحد هذه المقاطع أنه يعاني حالة اكتئاب مصحوب بـ«أعراض انتحارية» منذ ثلاث سنوات.
لم يحاول وائل الانتحار، حسبما قال، لكنه فكّر فيه عدة مرات. وأوضح أنه حلق شعره، لأنه لم يعد يخشى من الأحكام التي يصدرها الآخرون بحقه، وقرر أن يحرر نفسه من كثير من القيود.
هذا الظهور الذي صدم مروجي الثورات الذين يحاولون اليوم العودة من جديد، تحت لافتات كثيرة، في مصر وغير مصر، يسبب الحرج والإحباط لهم؛ فهذا فتى الفتيان رمز الثورة أيقونة المستقبل «بتاع» غوغل، تكسرت أجنحته وذهل عقله وطاش رأيه وأضاع الطريق، وتحدث واعظاً محبطاً ويكفي المظهر عن المخبر.
ليس الهدف من هذا الكلام الشماتة، عياذاً بالله، بل لا يملك الإنسان سوى التعاطف مع حالة وائل غنيم حالياً، لكن الهدف هو التأمل في صفحات السنوات الهائجة التي مرّت بنا من 2010 وقبلها بقليل مروراً بزلازل 2011 المصرية، حتى أفول شمس الفوضى الإخوانية الصفراء، التي تلاعب فيها «الإخوان» بمراهقين من الشباب، وبعض الانتهازيين من الباحثين عن الشهرة، وبتمويل ودعم خطير من تيار غربي يمثله أو أيقونته هو «أوباما». هذه الفوضى الفكرية والسياسية، لم نسلم منها بعد، وقد اندرج في حفلة الفوضى هذه مثقفون عرب يُشار لهم بالبنان، تبيَّن لنا لاحقاً أنهم أصنام من ثلج تذوب عند شمس الامتحان الفعلي للوعي.
ذهب «فتى غوغل» الأوبامي وائل غنيم إلى حيث ذهب، لكن نتحدث لئلا يعود وائل من جديد.