ميغان ماك أردل
TT

ماذا سيحدث إذا أصبحت الصين كاليابان؟

تشير جميع المؤشرات العادية إلى أن الصين تسير باتجاه انتكاسة كبرى، شهد العقدان الأخيران نموا مذهلا، كما شهدت الصين أيضا – ولا سيما في السنوات الأخيرة - ازدهارا في قطاع الائتمان وزيادة في حجم الاستثمارات؛ إذ اعتمدت الحكومة الصينية على القروض المصرفية للحفاظ على مستوى النمو.
وقبل بضع سنوات، قمت بزيارة مدينة صينية «من المستوى الثالث»؛ حيث شهدت المجموعة التي كانت برفقتي دليلا على وجود ازدهار في كل مكان اطلعنا عليه، ولكن جميع الشاحنات كانت محملة بمواد بناء وليست بضائع، وفي مصنع يعمل على مستوى ورش العمل، الذي قمنا بزيارته، علم أحد زملائي ممن سافروا معي، الذي كان يتحدث الصينية، أن المالكين كانوا يحاولون بيع هذا المصنع لأنهم يستطيعون تحقيق مكاسب أكثر من الأرض مقارنة بما يمكنهم تحقيقه من صنع المعدات الزراعية.
لم يبدُ لي أن هذا الأمر يمثل تنمية مستدامة، ومن خلال كل ما سمعته، يمكنني القول إن هذا الأمر يؤكد على أن كثيرا من النمو الذي تحقق في السنوات القليلة الماضية، كان مدفوعا بتوجيه الحكومة، وليس جراء العرض والطلب. والآن يبدو أن الصين تدخل في مرحلة تباطؤ، ربما لا تزال معدلات نموها «البطيئة» – وليست «المتوقفة» - تثير الغبطة والدهشة لدى الدول المتقدمة، ولكن الإنتاج الصناعي سجل في أغسطس (آب) أسوأ أرقامه منذ الأزمة المالية، كما ظهر أيضا انخفاض بيانات اقتصادية أخرى، وفي سياق التوسع المدهش السابق، فكما ذكرت، كل المؤشرات العادية قد تشير إلى انتكاسة مقبلة، ولكن الصين ليست مثل أي دولة أخرى؛ ولذا فإنني مترددة بشأن التنبؤ بحدوث انهيار صيني، فماذا سيكون شكل الانهيار في الصين؟ وهل يمكن أن يواجه نظامها المصرفي صعوبات؟
قدم زميلي ويليام بيسيك حجة مقنعة مفادها أن انهيار الصين سيشبه كثيرا انهيار اليابان، فمع التخوف من الذعر المالي الهائل الذي حدث مع انفجار فقاعة زيادة الاستثمار في اليابان، أنفقت الحكومة اليابانية مبالغ طائلة لدعم البنوك المتعثرة والشركات التي أقرضت المال من الحكومة.
نجحت اليابان في تجنب ما يشبه الكساد العظيم، ولكن زعم الكثيرون أن اليابان شهدت بدلا من ذلك عقودا من الركود، وتجنبت البنوك تسجيل القروض المتعثرة من خلال ضخ المزيد من الأموال في الشركات المتضخمة الراكدة، لا يمكن استخدام رأس المال هذا من أجل تمويل الشركات والمشاريع الجديدة التي قد تكون دفعت النمو الاقتصادي، إنها تجنبت خسائر كبيرة، ولكنها تجنبت أيضا مكاسب كبيرة محتملة، من خلال استبدال المخاطر بتراجع ثابت، ولكن بطيء بالتأكيد. اليابان الآن تتمتع باقتصاد من الدرجة الثانية الذي ما زال يتمتع فيه العاملون لمدة 20 عاما بالتوظيف مدى الحياة، بينما يحصل العاملون من الشباب على وظائف مؤقتة غير مستقرة.
وإذا سارت الصين على المنوال نفسه، سيكون لذلك الأمر آثار كبيرة على بقية العالم، كبيرة لدرجة أنه ربما لا يمكنني تحديدها جميعا هنا، حتى إذا كان بمقدوري التنبؤ بالمستقبل بطريقة صحيحة، وبالتأكيد لا يمكنني القيام بذلك، ولكن دعني أشير إلى أمرين يستحقان التفكير بشكل خاص: ما هي التداعيات الجيوسياسية لدخول أكبر دولة في العالم في فترة ركود مثل اليابان دون أن يكون لديها ثروة شبيهة لليابان؟ وما هي التكاليف والفوائد المحتملة التي تعود على البلدان الأخرى التي تستهلك البضائع الصينية، وتتنافس مع العمال اليابانيين؟
يعد السؤال الأول هو الأكثر إثارة للفزع إلى حد كبير، ولكن على المدى القصير من المحتمل أن تكون الإجابة على السؤال الأخير أكثر وضوحا، وأكثر تدميرا.

* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»