علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

لست مع...

في السعودية تسعى الجهات الحكومية لإيجاد مصادر دخل مقابل خدماتها المقدمة للجمهور، وهذا أمر منطقي وقد يحسن الخدمة إذا كان في حدود المنطق. في الأسبوع الماضي، سعى وزير الشؤون البلدية والقروية لاستصدار قرار يسمح له بأخذ مقابل مادي لكل من أراد أن يفتح منشأته ليلاً وخارج الأوقات المحددة للعمل. وبالطبع يستثنى من ذلك كل من كان نشاطه يهم المجتمع مثل بائعي الدواء. ومهما حاول البعض حشد مميزات هذا القرار فأنا لست معه وأيضاً لست ضده 100 في المائة، ولكني أرى أن يعطى هذا القرار فترة من الوقت للتجربة وبعد ذلك تقيم هذه التجربة ونرى إذا كان الأجدر بنا أن نستمر بها أو نوقفها.
أنا لست مع القرار للأسباب الآتية، لقد مرت السعودية بتجربة مماثلة وحقيقة كانت المدن لا تنام وإذا خرجت ليلاً فكأنك في وضح النهار ثم حدد أوقات عمل لأصحاب المحلات فأصبحت المدينة هادئة بعد منتصف الليل. في جميع أنحاء العالم هناك أوقات محددة لعمل معظم الأنشطة التجارية غير الدواء والغذاء وتحديد أوقات العمل يساعد على توطين الوظائف ويوفر في الكهرباء، فإذا حددت أوقات العمل فسنجد الشباب السعودي هم من يديرون هذه المحلات، ولكن إذا تركت المحلات مفتوحة فإنه قد تصعب عليهم منافسة غيرهم. إذا فتحت المحلات فإن هذا سيلقي عبئاً على مقدمي الخدمات الحكومية الأخرى وأهم هذه الأجهزة جهاز الأمن، فإذا كان هناك نشاط ليلي وحركة بشرية فلا بد من تكثيف الأمن لحماية الناس.
كنت أتمنى أن تخفض ساعات العمل في بعض الأنشطة بحيث يكون العمل حتى التاسعة ليلاً وبعد ذلك تجبر الأسواق على إقفال أبوابها، فبعض الأنشطة لا يحتاجها المجتمع لكي تعمل على مدار الـ24 ساعة، وكلما قلصنا ساعات العمل كان ذلك جاذباً للشباب؛ فالشاب إذا رأى جيرانه يعملون لساعات طويلة فإنه سيضطر لمجاراتهم وقد يستطيع أو يفشل، ولكن إذا أغلق السوق فإن الجميع سينصرف مطمئناً لممارسة حياته الاجتماعية مثل المكوث مع أسرته وغير ذلك من الأنشطة.
على أي حال وزارة الشؤون البلدية والقروية مقدمة على تجربة جديدة سيكون لها آثار سلبية وآثار إيجابية، وأتمنى على الوزارة أن تقوم بتقييم التجربة بالمشاركة مع الجهات ذات العلاقة مثل وزارة العمل وأجهزة الأمن وغيرها، لنقيم أثر هذه التجربة على المجتمع بغض النظر عما توفره من دخل للوزارة، فسلامة المجتمع أهم من بضعة ملايين تدخل لصندوق الوزارة.