بوبي غوش
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
TT

الإعلان النووي الإيراني يخدم أغراض ترمب

أعلنت إيران يوم الاثنين الماضي أنها على بعد 10 أيام من خرق سقف المخزون النووي الذي فرضته «خطة العمل الشاملة المشتركة» التي وقعت عام 2015، ولأسباب وجيهة، فإن الجمهورية الإسلامية تهدد بتخصيب اليورانيوم بنسب تتخطى 3.67 في المائة المقررة، والتي تمنع تصنيع الأسلحة، حال لم تتحرك الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاقية بسرعة لإنقاذها.
بالنسبة لهؤلاء الأوروبيين، وهي كل من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن هذه اللحظة حقيقة، فهم ما زالوا يدعمون بصوت عالٍ المعاهدة أو الاتفاق النووي، ولا يزالون يواصلون انتقاد الولايات المتحدة لإلغائها العام الماضي. لكن الشهر الماضي فقط رفض الأوروبيون الإنذار الإيراني وقالوا إنهم لن يتركوا الاتفاقية على قيد الحياة في ظل تهديدات طهران.
سيتعين على الأوروبيين التصرف، والمسار الواقعي الوحيد المتبقي هو أن ينحوا جانباً كراهيتهم المشروعة لإدارة الرئيس دونالد ترمب والانضمام إلى الجهود الأميركية لمنع النظام الإيراني من الحصول على الأسلحة النووية.
بالنسبة للبيت الأبيض، فإن إعلان طهران يعد هدية في حد ذاته. فقد استمرت الولايات المتحدة تواجه جداراً من الشكوك أثناء محاولتها إقناع العالم، خاصة الحلفاء الأوروبيين، بأن إيران تقف وراء سلسلة من الهجمات على الناقلات في خليج عُمان. وعلى الرغم من الأدلة المتزايدة على ضلوع «الحرس الثوري» الإيراني في الاعتداءات، فقد بدا الأوروبيون في معظم الأحيان مترددين في انتقاد إيران.
هناك ما يبرر تشككهم، فلدى الرئيس ترمب، ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشاره لشؤون الأمن القومي جون بولتون سجل حافل في التسرع والخسارة في ظل غياب الحقائق، لا سيما بشأن إيران. ففي مثال قريب، ألقى بومبيو باللائمة على طهران بشن هجوم كابل، على الرغم من أن حركة «طالبان» - ليست صديقاً لإيران - أعلنت مسؤوليتها بالفعل.
وعندما أشار بومبيو بأصابع الاتهام إلى إيران في الاعتداءات على ناقلة النفط، بدا كمن يطلق استغاثة كاذبة بوجود ذئب في القرية، وهو ما حدث بعد أن تجاهلت القرية العالمية نداءه. لكن مع الإعلان الإيراني الأخير، فإن الذئب بدا هناك بالفعل ونواياه واضحة وعلى سكان القرية أن يتصرفوا حياله.
أفضل بداية هي الكف عن التمثيلية التي ميزت الجدل الأوروبي - الإيراني منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فقد عرف الطرفان على الدوام أن الأوروبيين لم يتمكنوا من «إنقاذه». ولم يكن هناك أي احتمال واقعي بأن تتحدى الشركات والمستثمرون الأوروبيون العقوبات الأميركية وتضخ الأموال والتكنولوجيا في إيران. ولا يمكن لأي شخص أن يعتقد بشكل منطقي أن الزعماء الأوروبيين يمكنهم دفع ترمب لتغيير رأيه.
ومع ذلك، فقد واصل الإيرانيون التظاهر بأن أوروبا يمكن أن تفي بوعد ميثاق عام 2015، لماذا؟ لأنها سمحت لطهران بالاستمرار في لعب دور الضحية مع الاستمرار في خطتها لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال دعمها للأنظمة القاتلة والجماعات الإرهابية، بدءا من سوريا ولبنان إلى غزة واليمن. كما أعطى الرئيس الإيراني حسن روحاني عذراً لتجاهل الانتقادات المحلية لفشله في تحقيق المكاسب الاقتصادية الشهيرة للاتفاق النووي.
ولإثبات أن الإيرانيين لم يتوقعوا حقاً إنقاذ الاتفاق، فقط لاحظوا أنهم لم يقدموا نفس المناشدات والتهديدات للصين وروسيا اللتين وقعتا أيضاً على المعاهدة.
وبالنسبة للأوروبيين، فقد سمحت التمثيلية ببعض الإشارات إلى الفضيلة السياسية في الداخل، حيث لا يحظى الرئيس ترمب بشعبية كبيرة، ناهيك عن حجة استقلالية سياستهم عن الولايات المتحدة. لقد ذهبت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى أبعد من ذلك بإنشاء «وسيلة للأغراض الخاصة»، المعروفة باسم «انستكس»، في محاولة للالتفاف على العقوبات الأميركية - مع العلم جيداً أن أي شركة لا ترغب في التعسر لن تقدم على استخدام تلك الوسيلة.
يمكن الآن إسقاط الحجة، فبعد رفض الإنذار الإيراني، يجب على الأوروبيين الآن أن يوضحوا ما سيفعلونه حال خرج النظام عن حدود الاتفاق النووي الخاص بالتخصيب.
أوروبا ليس لديها الكثير من الخيارات هنا، فليست هناك فائدة كبيرة جراء معالجة الأمور في الأمم المتحدة - فمن المؤكد أن روسيا والصين ستستخدمان حق الفيتو ضد أي عمل ضد إيران. لكن يمكن للأوروبيين بل ويجب عليهم فرض عقوباتهم على النظام. يمكنهم أيضاً التحدث بقوة والتصرف ضد الأذى الإيراني في المنطقة، خاصة في ممرات الشحن الحيوية في الخليج. ومن الأمثلة على الإجراءات التي يمكن اتخاذها قرار البحرية البريطانية بإرسال سفن إلى الخليج.
سيتطلب ذلك من الأوروبيين أن ينحوا جانباً رفضهم لسلوك إدارة الرئيس ترمب. لكنهم قد يشعرون بالرضا لإدراك أن دعم الولايات المتحدة يمكن أن يساعد في تخفيف حدة التوتر في الخليج من خلال التأثير على الإجراءات الإيرانية والأميركية.
ينبغي على مشهد أوروبا الذي يقف وراء الولايات المتحدة أن يوضح للإيرانيين أن محاولتهم تقسيم التحالف الغربي قد فشلت. ومع قليل من الحظ ستدرك العقول الرصينة في طهران أن المزيد من السلوك السيئ ستجري مواجهته من خلال الرد الموحد.
على الجانب الآخر، من خلال العودة إلى المعسكر الأميركي، سيكون الأوروبيون قادرين بشكل أفضل على إثبات أن العقوبات والدبلوماسية يجب أن تُمنح الوقت والمجال للعمل - بدلاً من الإجراءات السريعة التي قد تؤدي إلى نشوب حرب.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»