زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

أولى خطوات الإنسان على أرض السعودية

لا يزال اكتشاف آثار أقدام إنسان في صحراء النفود، التي تعود إلى أكثر من 85 ألف عام، يثير حماس الأثريين والعامة في كل مكان. وهذا، في رأيي، كشف نادر عُثر عليه على ضفة بحيرة في صحراء النفود، بمنطقة تبوك في المملكة العربية السعودية. وهذا الكشف لم يأخذ حقه في الدعاية إلى الآن. ولم أعرف عنه إلا من خلال الأمير سلطان بن سلمان، عندما كان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الذي يعمل الآن رئيساً للهيئة السعودية للفضاء، وهو يزور طوكيو كي يفتتح معرض روائع آثار المملكة بالمتحف الوطني.
وفي أثناء افتتاح المعرض، أعلن الأمير سلطان بن سلمان عن هذا الكشف. والحقيقة أنني لم أتصور أن يصل الإنسان خلال هذه الفترة الزمنية إلى الجزيرة العربية، لأننا كنا نعتقد أن خطوات الإنسان بدأت في أفريقيا فقط. وقد جاء هذا الكشف، عن طريق فريق سعودي - أجنبي، في أثناء أعمال المسح الأثري في أماكن قريبة من بحيرة النفود القديمة.
وقد أشار الأمير سلطان، في بيانه الصحافي باليابان، إلى أن هذا الكشف يعاصر كشفاً آخر عُثر عليه في أحفورة بالقرب من محافظة تيماء. وقد يكون هذا الكشف، كما يشير بعض الأثريين، هو أول خطوة للمجد في الجزيرة العربية، خصوصاً صحراء النفود، التي كانت غنية بالبحيرات والمياه والحيوانات. ولذلك كان من الضروري أن يخطو الإنسان الأول في هذه المنطقة بحثاً عن الطعام المتوافر في هذا المكان.
وأقول إن الذي يؤكد أهمية هذا الكشف وجود علماء آثار عالميين لهم مكانة دولية، مثل علماء آثار من معهد «ماكس بلانك» من ألمانيا، وعلماء من جامعة أكسفورد البريطانية، جنباً إلى جنب مع الفريق السعودي. وهناك كثير من الأدلة العلمية التي تعود بهذا الكشف إلى هذه الفترة، وهي 85 ألف عام.
وقد تناقلت الصحف اليابانية حديث الأمير سلطان بشكل مثير، مما جعل العلماء يودون زيارة هذا الموقع. وسوف أحاول إيجاد الوقت للوصول إلى الموقع ودراسته. وأعتقد أن هذا هو الذي شجع الأمير سلطان على إعلان رأيه بأن الإنسان الأول بدأ خطواته الأولى على أرض المملكة العربية السعودية، وهذا هو السبب في أن الإسلام قد بدأ من السعودية، وأصبحت المملكة هي المكان الذي عاش فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وانتشر الإسلام إلى العالم كله من هذا المكان المبارك.
وأعتقد أن موضوع هذا الكشف لا بد أن يخضع لدراسات كثيرة من كثير من العلماء، كي يعلنوا لنا الأدلة العلمية التي جعلتهم يعودون بهذا الكشف إلى هذه الفترة الزمنية. ومن خلال الصور التي شاهدتها، سوف نجد آثاراً على الأرض الصخرية تثبت مرور الإنسان الأول على هذه المنطقة، وقد سمعت أن هناك آثاراً مهمة عثر عليها في الموقع، وأعتقد أن هناك ضرورة لأن تعلن هذه الاكتشافات. وبعد ذلك، أعتقد أن هناك ضرورة أولى لعمل مؤتمر صحافي عالمي للإعلان عن الكشف، ويجب أن يأخذ هذا الكشف حقه في العلم، من خلال النشر العلمي والمحاضرات. وهذا يجعلنا أيضاً نلقي الضوء على العظمة البشرية التي عُثر عليها في البحيرة الجافة بمحافظة تيماء، والتي تُعد أقدم عظام بشرية في الجزيرة العربية. وأقول دائماً إن الصحراء تخفي الكثير من الأسرار.