زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

جولة من بعيد حول سوق عكاظ

لعل من بين أهم ما شاهدته داخل سوق عكاظ هو الاهتمام بالمتاحف الخاصة، وكيف أنها تقدم للجمهور والزائرين متاحف نوعية. وهناك نحو 200 متحف خاص في السعودية موزعة بين الرياض ومنطقة عسير والمنطقة الشرقية، بالإضافة إلى أماكن أخرى في المملكة. وقد دعم الأمير سلطان بن سلمان هذه المتاحف مادياً وفنياً، عندما كان رئيساً للهيئة العامة للسياحة والتراث، بل ويقوم كثير من منسقي المتاحف بالمساعدة في طرق العرض. وتأتي هذه المتاحف لتساعد في توضيح رؤية المملكة في التغيير، ورؤية مستقبلية لعام 2030.
وقد اتضحت أهمية المتاحف من خلال زيارة 50 ألف زائر لهذه المتاحف داخل سوق عكاظ فقط. وأعتقد أن وزارة الآثار في مصر يجب أن تستفيد من هذه التجربة؛ لأن هناك ضرورة لتشجيع القطاع الخاص في النهضة الثقافية في أي بلد حضاري.
الأمير سلطان بن سلمان في رأيي شخصية مهمة جداً في العالم الثقافي والحضاري العربي. وقد ترك بصمة واضحة في تراث المملكة، سانده فيها والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وأكاد أجزم أن هذا الرجل لم يأخذ حقه من التكريم. ومن خلال صداقتي بهذا الرجل، أرى أن وراء نجاحه التواضع وحب الناس، وفي الوقت نفسه رؤيته للمستقبل، فكل ما حدث داخل السياحة والتراث الوطني عبارة عن خطة بدأت بتطوير المتاحف والمناطق الأثرية، وتشجيع المواطن السعودي على حب آثاره وتاريخه، وبالتالي تُترجم إلى حب جارف للوطن العزيز. ويجب أن يكون كتابه «الخيال الممكن» منارة لكل من يعمل في المجال الثقافي. وقد سعدت جداً عندما عرفت أن هذا الكتاب سوف يُترجم لكثير من اللغات الأجنبية، كي يعرف العالم رؤية مواطن عربي بسيط، أثر بشكل كبير ولافت ومؤثر في الثقافة والفنون. وقد سعدت جداً عندما عرفت أن الأمير سلطان سوف يتسلم جائزة عالمية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم، غير أنني لن أستطيع الإعلان عنها الآن.
ولن أنسى تلك اللحظة التي جلست فيها إلى جوار الأمير سلطان بن سلمان، ونحن نشهد ميلاد أول فرقة أوركسترا سعودية. وحينها أعلن أن يوم 15 يوليو (تموز) هو ميلاد هذه الفرقة التي قدمت لنا عدداً من الأغاني القديمة الخالدة في نفوس الشعب السعودي. فـ«ألف مبروك» على هذا الحدث الثقافي المهم.
وما شاهدته من نظام والتزام من الجمهور، الذي يزيد عدده على 30 ألف زائر يومياً، إضافة إلى المتطوعين من الشباب، والأمن، وما يحدث داخل كل الفعاليات، هو درس لكل من ينظم مهرجاناً ثقافياً.
لقد نجحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بجدارة، في أن تثبت أن النجاح سهل جداً إذا كان هناك تخطيط ورؤى مدروسة وواضحة، وخلفها قائد يتابع بحب وتواضع ودقة وإنكار ذات. وقد سعدت جداً عندما قام الأمير سلطان بإعطاء توجيهاته بالبدء في تنظيم مهرجان عكاظ لعام 2019.
أما الشيء الذي أود وأتمنى تغييره فهو عملية ختم أيادي الزوار لحضور الحفلات، والتي وُضعت لتدل على أن الزائر قد دفع ثمن التذكرة، واعتبره البعض ليس مناسباً. وأقترح أن يتم وضع سوار حول معصم الزائر، مثلما يحدث في العالم كله.
وأعتقد أن السيد أحمد بن عقيل الخطيب، الذي يرأس الهيئة العامة للسياحة والتراث الآن، سوف يعمل من أجل استكمال المسيرة، ونتمنى للأمير سلطان التوفيق في منصبه الجديد رئيساً للهيئة السعودية للفضاء.
وفي النهاية، أقول: «ألف مبروك» على نجاح هذا المهرجان الثقافي الفني العظيم، وتحية من القلب لكل القائمين عليه والمشاركين فيه.