خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

عود لقطع الغيار

قطع الغيار البشرية والأعضاء المصنّعة لاستعمالها، لها مشكلاتها وكثيراً ما تخون صاحبها في أحرج الأوقات. أتذكر أن بطل سباق السيارات العالمي كين سميث كان يحتاج كأي متسابق في هذه الرياضة الجنونية إلى أقصى ما يمكن من حدة النظر، ولكنه ابتُلي بعينين ضعيفتين واضطر إلى استعمال العدسات اللاصقة. وكل هذا متيسر ومعقول، ولكن المشكلة هي أن عضلات عينه اليمنى تتوتر في أثناء السباق بشكل يضغط على العدسة الزجاجية بنحو يجعلها تقفز من مكانها وتسقط على الأرض، وعندئذ تختل الرؤية في أحرج الأوقات وتصبح المائة متر مائتي متر للعين اليسرى، وهات الكومبيوتر الذي يوفق بين المسافتين. ولهذا دأب كين سميث على نزع العدستين قبل الانطلاق وإعادتهما ثانية عند تسلم الشيك بالجائزة! وهذا شيء مهمّ فربما يعطونه نسخة من وثيقة حقوق الإنسان دون أن يفطن إلى ما فعلوا.
ومن الصرخات المرعبة التي سمعتها في حياتي كانت صرخة دوَّت من إحدى السيدات في قطار المترو في باريس. وخطر لي لأول وهلة أنها تعرضت لعملية اعتداء مما أصبح معتاداً في القطارات الأوروبية.
ولكنني سرعان ما سمعتها تصرخ بكلمة واحدة: «خنفسة! خنفسة!» وتشير إلى شيء أسود صغير في حجرها. ولكن الرجل البائس الذي كان بجانبها، ولا بد أنه كان زوجها، راح يطمئنها: «عزيزتي هذه أهداب عينك!»، ولكنها لم تلتفت إلى ما قال وضربت ذلك الشيء الأسود بشنطتها فأطارته إلى مسافة خمسة أمتار من حيث كانت تجلس، ودوّت صرخة أخرى من امرأة تلقت تلك الأهداب البلاستيكية في وجهها.
وقضينا بقية السفرة نزحف على ركبنا نبحث للسيدة عن أهدابها البلاستيكية المفقودة. وأستطيع أن أقول للقارئ المحترم، إنني لم أشهد في حياتي منظراً مضحكاً كتلك السيدة، عينها اليمنى متوّجة بأهداب سوداء مسترسلة وعينها اليسرى لا نكاد نراها بأعيننا!
ولا شك أن ضياع قطع الغيار البشرية والاصطناعية يسبّب دائماً مواقف عصيبة. وهو ما حدث للشرطة البريطانية قبل سنوات عندما لاحظت توقفاً في حركة المرور على الطريق السريع المؤدي إلى ويلز. وعندما خفّوا إلى نقطة الاختناق والتوقف وجدوا رجلاً في وسط الطريق يبحث عن شيء على الأرض وسيارته وراءه، وعشرات السيارات متوقفة تنتظر خروجه من أمامها. وبادر أحد أفراد الشرطة إلى سؤاله عن خطبه ومشكلته في هذا الموقع الحرج فأجابهم قائلاً إنه يبحث عن فخذ دجاجة سقط منه غفلة، عندما كان يأكل في السيارة.
فثار الشرطي البريطاني عليه غاضباً: أنت مجنون؟ تقطع حركة المرور بين إنجلترا وويلز من أجل فقدان فخذ دجاجة؟! فأجابه الرجل المسافر: «ولكن طقم أسناني الصناعية مغروز فيه!».