د. شمسان بن عبد الله المناعي
TT

«حقوق الإنسان» والكيل بمكيالين

ما إن يتم إلقاء القبض على إرهابي هنا أو هناك حتى نرى بعضاً من منظمات «حقوق الإنسان» قد هرعت وفتحت أبواقها، مطالبة بإطلاق سراح هذا الإرهابي أو ذاك من خلال تقارير مفبركة. لكن السؤال المهم هو: من يشرف على تطبيق هذه المعايير الأساسية لحقوق الإنسان ومن ينفذها؟
وكنموذج حي نأخذ مملكة البحرين، وهي التي اُستهدفت ولا تزال مستهدَفة من قبل هذه المنظمات. ومن باب العدل والإنصاف كان من المفروض على من كتب ويكتب هذه التقارير أن يعرف حقيقة الأمور، ويتقصى الوقائع قبل أن ينشرها، حيث إن دولة مثل مملكة البحرين واجهت محاولة انقلابية في 14 فبراير (شباط) عام 2011، ومؤامرات تقف وراءها إيران و«حزب الله» اللبناني، ومنذ ذلك الوقت ظلت هذه المنظمات تكيل بمكيالين، وتفصّل المعايير والمقاييس الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على دول دون الأخرى، وعلى بشر دون بشر.
من المعروف أن مملكة البحرين شهدت أعمالاً إرهابية في 14 فبراير 2011 من ميليشيات مأجورة من إيران، حاولت شل الحياة الاقتصادية في البحرين، ونشرت الرعب والخوف بين المواطنين، وأخرجت طلبة الجامعة من مقاعدهم الدراسية، واقتحمت المدارس وأرعبت الأطفال، تماماً كما يفعل الحوثيون الآن بالشعب اليمني، فالنهج واحد ومصدر الدعم للإرهابيين واحد، ألا وهو النظام الإيراني الذي يعاني شعبه التنكيل والفقر، فبسبب سياساتها الداخلية والخارجية أصبحت إيران تخضع الآن لعقوبات دولية... فماذا فعلت منظمات حقوق الإنسان تجاه إيران حينها؟ فبدل أن تدين هذه الأعمال الإرهابية، راحت هذه المنظمات تؤجج الوضع في مملكة البحرين ودول أخرى، وتزيد من احتقانه.
وما إن اعتقل أحد هؤلاء الإرهابيين في البحرين، حتى غدت بعض منظمات حقوق الإنسان تعزف على وتر حقوق الإنسان، وتطالب بالإفراج عنه، والذي تدافع عنه هذه المنظمات أحد القياديين الذين يخططون للأعمال الإرهابية منذ عام 2011، وقد أفرج عنه بأمر ملكي، إلا أنه عاد إلى دوره، وتم اعتقاله بأدلة ثبوتية من قِبل وزارة الداخلية البحرينية؛ إذ أنه يقوم بنشر تغريدات تحرض على العنف والإخلال النظام في البحرين، وأعطت الوزارة أدلة عن سبب اعتقاله، وجاء هذا في بيان للوزارة تشير فيه إلى أنه «على سبيل المثال لا الحصر، نشر بتاريخ 26/ 3/ 2015 صوراً لعدد من الجثث على سند أنها ناتجة من الحرب في اليمن، في حين أن تلك الصور خاصة بأحداث إدلب في سوريا، وتم نشرها بتاريخ 23/ 9/ 2014. ونشر بتاريخ 31/ 3/ 2015 صوراً لعدد من الجثث على سند أنها ناتجة من الحرب في اليمن، في حين أن تلك الصور خاصة بأحداث فلسطين، غزة... أيضاً قام بإعادة نشر تغريدات، أرفق بها صوراً لأشخاص، بهم إصابات وتضمنت ادعاء إصابة المئات من نزلاء سجن (جو) بكسور متفرقة في أجسادهم ومئات منهم ينزفون من رؤوسهم نتيجة الضرب والتعذيب».
ونتساءل هنا أين كانت هذه المنظمات عندما شرد الشعب السوري من أرضه، وتدخلت الميليشيات الإيرانية في سوريا، وقامت بعملية تطهير عرقي للطائفة السنية وتهجيرهم من ديارهم، وشمل ذلك كل طوائف الشعب السوري وفئاته، حيث كانت الإبادة الجماعية والتهجير إلى خارج بلادهم، وانتهكت إيران الكرامة الإنسانية المصونة طبقاً للمواثيق الدولية التي وثقتها الأمم المتحدة، فأين هي حقوق الإنسان؟
ماذا ننتظر من دولة يتم التحريض عليها من قبل شخص ينفذ أجندات دولة أخرى هي إيران التي تتآمر على البحرين وشعبها؟ هذه الدولة التي أصبحت منبوذة من أغلب دول العالم، حيث إنها وراء ما يجري في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرها من الدول التي تتدخل في شؤونها الداخلية.
وختاماً نقول نعم هناك منظمات معنية بحقوق الإنسان، وهناك أخرى تدعي ذلك وتأخذ بمبدأ: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر... وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر!