سعود الأحمد
كاتب ومحلل مالي
TT

تعقيب فيه رسالة لوزير التربية والتعليم

أود التأكيد أن الآفاق الفكرية واسعة للحديث عن أهمية رفع مستوى الوعي العام بالدول الخليجية، الذي تحدثت عنه الأسبوع الماضي، بعنوان «هذا ما ينقص الموازنة العامة للدولة». ومن ذلك ثقافة المحافظة على نظافة البيئة. وكيف يمكن ترجمة السلوكيات إلى أرقام وميزانيات. وهو مشروع اقترحت له ميزانية خاصة في الموازنة العامة للدولة بحجم ميزانية وزارة ليعدّ واحدا من أهم مشاريع البنية التحتية.
فإذا علمنا أن تنظيف مدينة الرياض وحدها يكلف 15 مليون ريال شهريا. وأن مشاريع النظافة الجاري تنفيذها في جميع مناطق المملكة تكلف 7.8 مليار ريال! بما في ذلك مشاريع الدفن الصحي للنفايات، التي تجري وفق منظومة من الإجراءات والمعايير الفنية. هذه النفقات محل ترشيد، لو جرى تصحيح بعض سلوكياتنا وتوفير مستوى أعلى من الوعي العام، ناهيك عن استمرار تزايدها بفعل النمو الطبيعي للسكان، وتنامي عدد وأحجام المدن والبلدات، وأنه، وعلى الرغم من كل هذه النفقات، لدينا قناعة، (وربما) أجماع، بعدم الرضا عن مستوى نظافة شوارعنا ومنتزهاتنا وحتى في صحارانا وأماكن تنزهنا داخل وخارج النطاق العمراني! ولذلك فالتجربة أثبتت أنه، ومهما أنفقنا على النظافة، لن يتحقق الهدف، إلا بعد أن ننمي الحس الوطني لدى العامة، ليشعر كل مواطن بمسؤوليته الوطنية نحو المحافظة على نظافة كل مكان في بلاده.
الجديد في هذا الأمر أنه، وبتولي رجل الفكر والثقافة الأمير خالد الفيصل وزيرا للتربية والتعليم. فإن الآمال معقودة أن يقود مسيرة تنمية هذا الحس الوطني وغرسه في أذهان الطلبة في مختلف المراحل الدراسية. ويعيد لثقافة مدارسنا معنى «أسبوع النظافة» الذي كنا نعيشه منذ عقود مضت، يوم كنا ننظف شوارعنا وحدائقنا بأيدينا. يومها كانت مشاعرنا نحو أهمية نظافة مدننا تختلف عن مشاعر أبنائنا اليوم. إذن، نريد أن نرفع لواء «النظافة واجب الجميع». ونوزع نشرات توعية (كما كنا) لتصل لمختلف شرائح المجتمع السعودي بأساليب مناسبة لكل شريحة، ونصدر التعليمات بعقوبات رادعة لكل مخالف. نريدها حملة يشارك فيها أبناء البسطاء والوزراء والأمراء، يتوزع فيها طلبة ومعلمو وإداريو جميع المدارس ليهبوا لنظافة الشوارع والأرصفة والحدائق والشعاب والرياض والبراري بأيديهم. نريد أن نرى الطلبة وأساتذتهم وإدارييهم يلتقطون المخلفات من الأرض بأيديهم حول فياض التنهات والخفس وشعيب وثيلان والشمسه والشميسه، ومثلها في أبها والطائف وما حولها، وفي كل مكان في جبال المملكة وسهولها وهضابها وأوديتها وشعابها، وحول مطاراتها وعلى شوائها وسفوح جبالها.. في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها. لا نريده أسبوعا متصلا (حتى لا يُنسى سريعا)، ولكن نريده خمسة أيام بخمسة أشهر، أو عشرة أيام بعشرة أشهر، تبدأ من نوفمبر (تشرين الثاني)، ونجعل ذلك اليوم عطلة لجميع عمال النظافة مكافأة تقديرية لهم. وليشمل ذلك حملات توزيع نشرات التوعية في مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات والمحلات والمستودعات، ولتُسلم هذه النشرات بيد قادة وركاب المركبات عند الإشارات المرورية. ولتكون هناك حوافز إيجابية وسلبية. جوائز للمتميزين في النظافة، وعقوبات رادعة لمن يرمون المخلفات في الشوارع والأماكن العامة.
ختاما.. نحلم يا وزير التربية والتعليم أن نرى بصمة خالد الفيصل، لتحول مدننا وصحارانا إلى نظيفة. ولترفع مستوى الوعي العام لدرجة تستنكر معها كل السلوكيات غير الحضارية. من خلال تأصيل شعورنا بالمسؤولية والتزامنا بتعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا وثقافاتنا الإسلامية والعربية الأصيلة.
* كاتب ومحلل مالي [email protected]