شريا أوفيد
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

صراع خفي بين «مايكروسوفت» و«أبل»

إن لم تكن تتابع المصاعب والمحن التي تعانيها شركات التكنولوجيا، أو كنت تقبع في كهفك المفضل طيلة السنوات الخمس الماضية، فقد يثير ذهولك أن شركة مايكروسوفت على طريقها للتفوق على شركة أبل باعتبارها أكبر شركة عامة من حيث القيمة على مستوى العالم. وفي حين أن الخبر قد مر مرور الكرام، فمن الأرجح ألا تطول الفترة حتى تعاود «مايكروسوفت» احتلال مركز الشركة رقم واحد في العالم مرة أخرى.
ولن يكون ذلك مفاجئاً لكثير من القراء العاديين، ولكنه سوف يكون مثيراً لذهول الأشخاص الذين تجمدت آراؤهم بشأن «مايكروسوفت» أيام «زيون» و«كليبي» المثير للإزعاج. ولكن كيف تمكنت أسهم «مايكروسوفت» من بلوغ المرتقى الصعب؟
يوضح السبب القريب أن «مايكروسوفت» كانت أقل تضرراً من انعكاس التفاؤل الأخير للمستثمرين الأميركيين بشأن شركات التكنولوجيا التي كوفئت على تحقيق النمو السريع أكثر من أي نجاح آخر. وعلى المدى البعيد، واصلت «مايكروسوفت» العمل على اعتبارها الراعي الكبير لعملاء الشركات الذين يتلمسون طريقهم عبر التغيرات التكنولوجية الكثيرة بفارغ الصبر ومزيد من القلق، كل في صناعته ومجاله.
وتعتبر شركة مايكروسوفت، في حقيقة الأمر، سلحفاة الشركات الأخرى في مضمار التكنولوجيا المهووس بالسرعة الفائقة والتغير السريع. ونعلم جميعاً ما تمخض عنه هذا السباق.
ولقد تمكنت «مايكروسوفت» خلال العام الحالي من تجاوز شركة ألفابيت، الشركة الأم للعملاق «غوغل»، كما تجاوزت شركة أمازون، والآن «أبل» من حيث قيمة الأسهم في السوق. ومنذ هزيمة سوق الأسهم المنكرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي أشاعت هزة شديدة بين مختلف أسهم الشركات التقنية الكبرى حول العالم، نجح سهم «مايكروسوفت» في تفادي أغلب مراحل هذه المذبحة. فلقد هبطت أسهم «مايكروسوفت» بنسبة 8.5 في المائة منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة بنسبة 22 في المائة بالنسبة لأسهم شركة أمازون، ونسبة 25 في المائة التي تكبدتها أسهم شركة «أبل».
وليس من قبيل المفاجأة لعشاق التكنولوجيا أنه خلال خمس سنوات كاملة تحت إدارة ساتيا ناديلا، الرئيسة التنفيذية لشركة «مايكروسوفت»، أن توجه جُل التركيز على مواطن القوة في الشركة وتستفيد من رغبة الشركات في المساعدة في تلمس طريقها عبر التحولات والتغييرات الجارية في عالم التكنولوجيا.
ولا يصح هذا الأمر فقط بالنسبة لخدمة «آزور» للحوسبة السحابية - والتي تنافس بها «أمازون» في مساعدة الشركات على نقل تخزين الملفات الرقمية أو عمليات مواقع الإنترنت من المنصات المملوكة والعصية على التحديث في حواسيب المؤسسات - وإنما هناك أيضاً حزمة «أوفيس» طويلة الأمد، وتكنولوجيا قواعد البيانات الخاصة بالشركة، وبرمجياتها المتعددة لإدارة مبيعات الشركات. وحتى الحواسيب الشخصية باتت تحقق نهضة متأخرة الشيء القليل تيتعلق بمجالها، الأمر الذي عزز من دور «مايكروسوفت» كثيراً.
صحيح أيضاً أن الصعود الأخير لـ«مايكروسوفت» في ترتيب سوق الأسهم يرجع في جزء كبير منه إلى ما لا تمثله الشركة. فهي ليست «فيسبوك» وليست «غوغل» - العملاقين. وهي ليست كمثل «أمازون»، الشركة التي ترتفع قيمة أسهمها إلى حد كبير وفقاً للنمو المطرد المتسارع الذي انخفضت وتيرته كثيراً في الآونة الأخيرة. كما أن «مايكروسوفت» لا تولد الكثير من مبيعاتها اعتماداً على الأسواق التي خفت نبضها بدرجة مخيفة، كما هو حال «أبل» في عالم الهواتف الذكية. كما لا ترتبط «مايكروسوفت» كثيراً بالحرب التجارية الراهنة بين الولايات المتحدة والصين.
وكما قلت من قبل، إن حماس المستثمرين بشأن «مايكروسوفت» قد ذهب أدراج الرياح. ويجري تداول سهم الشركة الآن عند مستوى مضاعف 22 مرة، مقارنة بأرباح الشركة المقدرة على مدى الفصول الأربعة المالية المقبلة، وذلك وفقاً إلى بيانات شبكة بلومبرغ. وكانت المرة الأخيرة التي بلغت فيها أسهم «مايكروسوفت» هذا المستوى الباهظ قد مر عليها زمن طويل، أي منذ عام 2004 تقريباً أو نحوه.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»