علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

شباب

يبدو لي أن حظي وحظ جيلي ليس جيدا بما فيه الكفاية، فحينما بدأنا العمل كانت المناصب تسلم للشيوخ بحكم نضج تجربتهم وخبرتهم الكافية في الحياة والعمل، وحينما وصلنا الشيخوخة انقلب مزاج بلادي ليبدأ تسليم الشباب المناصب متعللا بمعرفتهم أكثر من غيرهم بواقعهم وهذا صحيح.
الأحد الماضي التقيت بالوزير الشاب أحمد الراجحي وزير العمل والتنمية الاجتماعية السعودي حيث أطلقت الوزارة 68 مبادرة لتسهيل عمل الوزارة وكان الوزير الشاب يتحدث ببساطة ويقول إننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون وقد لفت انتباهي مبادرة «قوى» وهي مبادرة تهدف إلى جعل عمل الوزارة إلكترونيا كما في نظام «أبشر»، قد يعتقد البعض أن هذا عمل بسيط ولكنه في الحقيقة عمل جبار، إذ إنه يسهل إجراءات تخليص المعاملات للمتعاملين مع الوزارة ولو لم يكن على رأس الوزارة شاب لما تجرأ واتخذ قرارا كهذا، إذ إن الشيوخ في الغالب متحفظون ويخافون من الجديد ولكن لأن الوزير شاب ويعرف واقعه فقد اتخذ قرارات جريئة.
ما يميز وزير العمل أنه يتعامل مع رجال الأعمال كشركاء وكمولدين للوظائف ولكن دون الإضرار بالتوطين ودون مخالفة لقوانين البلاد، حينما تتشارك مع الغير فيعني ذلك أنك تتفهمه وتعرف مواطن قوته ومواطن ضعفه فتقوم بمساعدته قدر ما تستطيع ليتخطى العقبات.
وزير العمل السعودي ومع أنه أصلا قادم من القطاع الخاص ويعرف أسراره وهذه ميزة له إلا أنه عقد ورشات عمل كثيرة مع رجال الأعمال وحسب القطاعات مثلا قطاع المقاولات، وقطاع الصناعة وغيرها ليتعرف على وجهة نظر أهل الشأن ويتعرف على مشكلاتهم ويستمع إلى مقترحاتهم لوضع الحلول. فالوزراء مطالبون قبل إصدار القرار أن يأخذوا رأي أهل القطاع فمثلا لا بد أن يتعرف وزير التعليم على مشكلات ومعوقات العمل لدى مالكي المدارس الخاصة.
حينما تكون الوزارة بصفة عامة شابة فهذا يعني التقدم والأخذ بكل الوسائل العصرية التي تسهل العمل، فمؤسسة النقد حينما كان يديرها الشيوخ كانت متحفظة وكان إطلاق مشروع ما يستغرق ثلاث سنوات رغم أنه مجرب عالميا ولم تخترعه المؤسسة فقط هي تبدأ من حيث انتهى الآخرون ولكنها كانت بطيئة جدا ومترددة في إنجاز مشروعاتها، وحينما تولى قيادتها الشاب أحمد الخليفي وصلنا إلى فرع البنك الرقمي وأعطى رخصة بحيث تنجز معاملاتك في هذا الفرع دون موظفين، فهل يا ترى لو كانت الإدارة القديمة موجودة سيرى مثل هذا الفرع النور؟ لا أظن ذلك.
يقول علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه: «لا تربوا أولادكم كما رباكم آباؤكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم»، وهكذا الوزارة فكلما كانت شابة أمكنها التعامل مع واقعها وأن تتجه بالبلاد إلى الحكومة الإلكترونية التي يسعى الجميع لتطبيقها والوصول إليها، فمن غير المنطقي أن نتأخر عن الركب الحضاري أو بالأحرى لا يمكننا ذلك فالعالم أصبح متشابكا ولا بد أن نكون ترسا فعالا في عجلة العالم حتى لا نعطلها عن المسير.