ماركوس آشوورث
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

الولايات المتحدة وأوروبا في اتجاهين مختلفين

أينما تتولى الولايات المتحدة القيادة، سيتبعها العالم. كانت تلك هي الحال في سوق السندات على مدار الشهر الماضي مع تحقيق الإيرادات الأميركية قفزات مستمرة. ومع هذا، فإنه من غير المحتمل أن تحذو أوروبا حذو قائدة العالم لما هو أبعد عن ذلك إذا استمرت سندات الخزانة الأميركية في التحرك نحو الأعلى باتجاه نطاق إيرادات أعلى؛ وذلك لأنه ببساطة ليس هناك ديون أوروبية رفيعة الجودة كافية للمعاونة على الاستمرار في الارتفاع.
من ناحية أخرى، من السهل تحديد الأسباب وراء ارتفاع إيرادات السندات الحكومية الأميركية في النقاط التالية:
أولاً: وجود بنك احتياطي فيدرالي عاقد العزم على رفع معدلات الفائدة وتقليص إجراءات التخفيف الكمي بوتيرة أسرع.
ثانياً: حدوث نمو اقتصادي نشط.
ثالثاً: اتساع العجز في الميزانية الفيدرالية؛ ما يعني أن وزارة الخزانة في حاجة إلى بيع مزيد من السندات.
رابعاً: ارتفاع معدل التضخم باستمرار نحو 3 في المائة.
خامساً: مخاطرة أن تقرر الصين، أكبر مالك لسندات الخزانة الأميركية، استغلالها سلاحاً في الحرب التجارية المتفاقمة بين الجانبين.
وبالتأكيد، تثير جميع هذه العوامل الخمسة الفزع في نفوس حاملي السندات.
جدير بالذكر، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يقلص التخفيف الكمي بمقدار 50 مليار دولار شهرياً، بينما ينوي البنك المركزي الأوروبي إضافة المزيد خلال عام 2018 الحالي. أما بالنسبة لأوروبا، فنجد العكس تماماً:
أولاً: سيجري الإبقاء على معدل الإيداع البالغ 40 نقطة أساسية سلبية على الأقل لعام آخر.
ثانياً: سوف تستمر إجراءات التخفيف الكمي التي يتخذها البنك المركزي الأوروبي حتى نهاية العام، وإن كان بصورة مخففة.
ثالثاً: يبلغ النمو في أوروبا نصف ما عليه في الولايات المتحدة.
رابعاً: سيبلغ صافي الإصدار عن الحكومة الألمانية على مدار السنوات القليلة المقبلة نحو صفر، تبعاً لمحللي مؤسسة «يونيكريديت».
خامساً: يبقى معدل التضخم داخل المنطقة المحورية لليورو عالقاً عند مستوى واحد في المائة فقط.
ولا ترسم هذه العوامل صورة مشجعة على شراء سندات أوروبية، لكنها توحي بأن الإيرادات من غير المحتمل أن تتحرك بأي من الاتجاهين. ومن بين العوامل الديناميكية الأخرى التي تقيد الإيرادات الألمانية: الندرة. وقد ارتفع الطلب على الديون البالغة الأمان فقط في الوقت الذي انكمش فيه المتاح من السندات السيادية الأوروبية المحورية بفضل برنامج التخفيف الكمي الضخم الذي يديره البنك المركزي الأوروبي.
من جانبه، يسيطر البنك المركزي الأوروبي على أكثر عن ربع الإصدار المتميز - مثلما الحال مع السندات السيادية الأخرى في منطقة اليورو، في وقت لا توجد لديه خطط لتحويلها إلى سيولة. وتستحوذ بنوك مركزية أجنبية وصناديق للثروة السيادية على قرابة 37 في المائة، تبعاً لما أعلنته «يونيكريديت». ويمثل هؤلاء حاملين طويلي الأمد، وبالتالي ليس هناك مساحة كبيرة لتعويم حر. وتبدو الفجوة بين الإيرادات الأميركية والألمانية في طريقها نحو مزيد من الاتساع.
وجدير بالذكر، أن الفجوة بين السندات الألمانية والأميركية اتسعت بثبات من المستوى الذي كانت عليه في أعقاب الأزمة المالية لأكثر عن 250 نقطة أساسية الآن، ويبدو أن هذه الفجوة في طريقها نحو مزيد من الاتساع مع تحرك الولايات المتحدة وأوروبا في اتجاهين مختلفين.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»