دانيال موس
TT

إلى أي مدى ستستمر المناوشات التجارية؟

دعونا لا نبالغ في ابتهاجنا إزاء الأقاويل التي أشارت إلى عقد محادثات بين مسؤولين من الولايات المتحدة والصين. من المحتمل أن تصبح المشاحنات حول القضايا التجارية القاعدة السائدة، بغض النظر عمن يفوز في انتخابات التجديد النصفي أو يجلس داخل المكتب البيضاوي.
كانت تلك وجهة نظر غالبية من استطلع آراءهم تشان شون سينغ، وزير التجارة السنغافوري، أثناء مأدبة غداء لغرفة التجارة الأميركية مؤخراً. وطلب تشان من الحضور التعبير عن آرائهم برفع أيديهم بخصوص أي سيناريو يبدو لهم أكثر احتمالاً: انحسار التوترات التجارية بعد انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) أم تراجعها بعد رحيل شخصيات معينة عن مناصبها أم أنه سوف تستمر لأجل غير مسمى بحيث يجب على المسؤولين التنفيذيين الاستعداد لها لفترة طويلة مقبلة؟ وقد تلقى السيناريو الأخير تأييد الغالبية.
وحمل هذا التصويت دلالات مهمة لأنه يشير إلى إدراك متزايد ليس فقط داخل سنغافورة بأن القوى التي تصوغ الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تتجاوز دونالد ترمب بكثير. والعجيب أن قليلاً من الأصوات تتعالى دفاعاً عن التجارة داخل أماكن من المفترض أنها داعمة بكل حماس للنشاط التجاري.
عندما زرت شرق كولورادو وغرب كنساس هذا الشهر، وهي أماكن غنية بالزراعة وتواجه خطر تكبد الخسارة الكبرى حال اشتعال صراع تجاري، فوجئت أن معظم المناقشات صاغتها البرامج الواردة في «فوكس نيوز». في ليمون، دارت الشكاوى في أوساط المزارعين حول «سي إن إن» والديمقراطيين، وكيف أن باراك أوباما حاول أن ينسب لنفسه الفضل وراء انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الأسهم على نحو قياسي هذا العام.
وإذا أصبحت المناوشات التجارية أمراً مستمراً وتحولت الحواجز التجارية لعنصر شبه دائم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي ستفعله الشركات بهذا الخصوص؟ لقد جرى بناء سلال العرض العالمية طبقة فوق أخرى على مدار عقود. وإذا رغبت الشركات في التكيف مع ما قد يصبح نموذجاً تجارياً جديداً فإن عليها التفكير بجدية في هذا الأمر وإبلاغ حاملي الأسهم والعملاء والموظفين بالمستجدات.
من جهتها، تشعر ديبورا إلمز، المديرة التنفيذية للمركز التجاري الآسيوي في سنغافورة بأن هذا الصمت يثير القلق. وقالت إنها لم تجد أي مسؤول تنفيذي في أي شركة لديه خطة لمواجهة هذا الوضع الجديد. ووجدت ديبورا أنه إما لا يوجد لدى الشركات خطة، وهو أمر يتعارض مع فكرة أن هناك تغييرات جوهرية حدثت بالمشهد التجاري العالمي.
وبمجرد أن تقبل بفكرة أن ثمة تغييراً جوهرياً طرأ على المشهد لن يكون من الصعب تخيل اليوم الذي تقرر الشركات فصل فروعها الآسيوية وتحويلها إلى شركات منفصلة. وبذلك تصنع الشركات المنتجات الموجهة للسوق الأميركية داخل الولايات المتحدة. أما المقرر بيعها في آسيا فسيجري تصنيعها هناك. وتدريجياً قد يتحول مركز الجاذبية إلى السوق الآسيوية. وسوف تركز الشركات الراغبة في التقدم على منافسيها على هذه المنطقة، بينما تستمر الأعمال المرتبطة بالبنية التحتية الأميركية في التردي. جدير بالذكر أن معدلات النمو داخل الدول الآسيوية يتراوح بين 5 في المائة و6 في المائة، بينما يتراوح داخل الولايات المتحدة بين 2 في المائة و3 في المائة.
وذكرتني إلمز بأنه بمجرد إقرار عملية تأميم اقتصادي يسعى الجميع لأن يكونوا جزءاً منه، وذلك لأنه لا أحد يود أن يفوته القطار الاقتصادي وحده في الخلف ويمضي. وإذا كانت النظرة السائدة في سنغافورة صائبة، وما نواجهه الآن ليس حدثاً تجارياً عابراً، فإنه علينا الانتباه للتغيير الجديد والاستعداد له تماماً.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»