سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

الزعيم والإنسان: سوكارنو والجمال

كان سوكارنو أبا الاستقلال الإندونيسي عن هولندا، وظل رئيساً للبلاد من 1947 إلى 1967 عندما أطاحه انقلاب عسكري. كانت تلك مرحلة لمعان عدم الانحياز، وكان سوكارنو من أبرز وجوهها كزعيم لكبرى الدول الإسلامية تعداداً. كما كان خطيباً مفوّهاً وصاحب دعابة ويعرف كيف يجتذب الأنظار إليه.
غير أن أكثر ما اشتهر به بين سياسيي المرحلة أنه كان «زير نساء». تزوج 9 مرات بينهن اليابانية ناوكو تيمونو، التي أشهرت إسلامها، وأعطاها اسم راتنا جيوي، ورزقت منه بابنة، تعمل الآن في نيويورك، فيما تعمل الأم في طوكيو، التي عادت إليها بعد سنوات من الغياب في نيويورك وجاكرتا أيضا.
كان سوكارنو مثل معظم زعماء الحياد الإيجابي معاديا للغرب، غير أنه يتجاوزهم في إلقاء الإهانات، وحاولت إدارة جون كيندي استمالته، فوجهت إليه دعوة رسمية. وخلال الزيارة سُئل عن رغبته، فطلب أن «يلتقي» ممثلة الإغراء مارلين مونرو. وروى وزير الخارجية الأميركي دين راسك أن لقاءه مع الضيف الإندونيسي انتهى في حدة، عندما أعرب سوكارنو عن رغبته في الاجتماع إلى السيدة الأولى، جاكلين كيندي، غير أن الاجتماع إلى مارلين مونرو جرى في حفلة عامة نقلت صورها في أنحاء العالم. وفي فيلم عن حياة مارلين، أنتج لاحقاً، يلمح المخرج إلى أن لقاء آخر قد تم بين الاثنين.
ولدت حركة عدم الانحياز بكل آمالها في مدينة باندونغ الإندونيسية العام 1955 تحت عنوان المؤتمر الآسيوي الأفريقي، التقى زعماء العالم الثالث بدعوة من سوكارنو ليعلنوا ولادة كتلة جديدة بعيداً عن الشرق والغرب. العام 1994 استضافت جاكرتا مؤتمر الكتلة بدعوة من أحمد سوهارتو، الجنرال الذي أطاح سوكارنو، فيما غرقت البلاد في حمام دماء سقط فيه ما يراوح بين 400 و500 ألف قتيل.
بحثتُ في جاكرتا عن آثار سوكارنو، فلم أجدها إلا في صورة له في بهو فندق كمبنسكي. من يقف إلى جانب أبي الاستقلال وأحد مؤسسي الحركة؟ السيدة مارلين مونرو! أين صوره إلى جانب نهرو ونكروما وناصر وتيتو وشو آن لاي؟
تميّز مؤتمر جاكرتا يومها عن جميع المؤتمرات حول العالم، بالسماح للصحافيين بالحضور إلى القاعة إلى جانب الضيوف دون أي حواجز وفروقات ومواقع أمنية. وكان يمثل سوريا نائب الرئيس الأستاذ فاروق الشرع، فكان كلما رآني يدعوني لكي يعطيني فكرة مفصلة عن المحادثات. وضمن تقاليد «القاعة المفتوحة»، دعانا الرئيس سوهارتو جميعاً إلى عشاء الختام، وإذا تأملت مستوى الجمال بين السيدات، تساءلت ما الذي يأخذ سوكارنو إلى هوليوود أو اليابان.
إلى اللقاء...