مورين دوود
TT

هل تدق طبول الحرب على العراق من تشيني وشركائه مرة أخرى؟

لقد تخلص بوش من ديك تشيني. لماذا لا يمكننا ذلك؟
من كان يظن أن يمنح انهيار العراق الفرصة للنصابين الذين غرروا بنا إلى الحرب برفع رؤوسهم مرة أخرى ومحاولة إعادة التأهل - ومحاولة الانخراط بطريقة أو بأخرى في تلك الدوامة الجهنمية ليخرجوا بدليل يثبت أحقيتهم فيما أخطأوا فيه بحق وطنهم؟
ولكن، وبعد ذلك، فإنهم دائما ما ينسجون واقعهم الخاص من العظمة والكبرياء.
إنهم يطالعوننا بمنتهى الخجل على محطات التلفزيون، التي لديها الكثير لتبثه ملئا للفراغ، حتى إنها باتت لا يعنيها ما إذا كانت الأجواء بالفعل مشتعلة. وعادوا مرة أخرى يدقون على طبول الخوف ومحذرين من أن أميركا في حاجة إلى شن الهجمات أو سوف تخاطر بأمنها من قبل إرهابيي الشرق الأوسط. ألا يعلم نائب الرئيس السابق أن معظم الأميركيين، بمن فيهم مؤيدو الرئيس السابق بوش، لم يعودوا يطيقون جنونياته المذعورة بعد الآن؟ حتى إعلاميو قناة «فوكس نيوز» باتوا يسحقونه الآن بأسئلتهم المتشككة في جدوى تلك الحرب التي يدعو إليها.
وقد سألته إليزابيث هازلبيك من قناة «فوكس» عما إذا كان يعتقد أننا «يمكن أن نكون على مسار يذهب بنا إلى شيء هو أفظع من الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)»، وكان رد تشيني: «أعتقد أن هذا الاحتمال وارد».
إنه دائم الانشغال بتوقع حادثة أخرى على غرار الحادي عشر من سبتمبر. ومن المثير للشفقة أن بوش قد تجاهل التحذيرات حيال الحادثة الأولى. لم يعد تشيني مسؤولا فقط عن الانهيار العراقي أو المعضلة الأفغانية. بل يمكنه تحمل تبعات إرهاق أميركا التي شكك جون واين في جدوى تدخلاتها العسكرية، وراند بول، الذي يعد مرشح الحزب الجمهوري ذا المصداقية.
إن ذلك يجعل الرجل المتوفى ينبض عصارته الصفراء بدلا من الدماء. قال تشيني لقناة «فوكس» حول إطلاق النار على وجه بول: «إن الحزب الجمهوري يتميز بسمعة احتفاظه بأفضل الرجال فيما يتعلق بالأمن القومي، وإننا نريد استعادة ذلك التقليد لأجل الحزب».
يخوض دارث فيدر حملته من أجل التصديق بقبعة رعاة البقر التي يعتمرها و«متدربة سيث»، كما يحلو لجون ستيوارت أن ينادي ليز تشيني. وقد تصرفت ليز في محاولة مجلس شيوخ ولاية وايومينغ الفاشلة على نحو ما تصرف تشيني مع العالم: الترفع والتكبر على الحلفاء والأعداء على حد سواء. لذا، فلديها أسوارها الخاصة كي تهتم بإصلاحها إذا ما رغبت في امتطاء صهوة السياسة مرة أخرى.
تدور فكرتهم للهجوم الساحر حول التذمر وخلق ما يمكن أن نسميه التحالف من أجل أميركا القوية، وهي مجموعة تطالب بسياسة خارجية أكثر صلفا وعنجهية في بيان شاع من خلال التصريح الذي لوح به المحافظون الجدد، وغيرهم من الجمهوريين إبان إدارة الرئيس كلينتون. ومن خلال حديثها إلى ميغن كيلي من قناة «فوكس»، وإلى مذيع الراديو المحافظ كريس ساليبدو، وجهت ليز اللوم إلى الرئيس أوباما حيال الفوضى الناجمة عن والدها وعن جورج بوش، مدعية في الأساس أنه كان يحاول متعمدا إضعاف أميركا.
عندما قال بيل كلينتون على برنامج «واجه الصحافة» على قناة «إن بي سي» إنه كان «من غير اللائق» لديك تشيني الهجوم على إدارة الرئيس أوباما «لعدم القيام بما يجب من تنظيف الفوضى التي خلفها»، غردت ليز المغتاظة قائلة: «يقول كلينتون إنه من غير اللائق لديك تشيني، حسنا، أعتقد أنه صار لائقا الآن». (بغير الكثير من الإنكار من قبل ليز).
إن سيناريو العودة المخيف يلعب لعبته مع ديك تشيني، ومع بول وولفوفيتز (الذي يرفض بعبثية لقب «المهندس»)، وبيل كريستول، وبول بريمر، وروبرت كاجان (الذي يفضل لقب «المتدخل الليبرالي» على لقب «المحافظين الجدد»)، وإليوت أبرامز (الذي دفعته جرأته لكتابة مقالة في مجلة «بوليتيكو» عن أوباما بعنوان «الرجل الذي كسر الشرق الأوسط»).
مثل قطعة الكرز على قمة الكارثة ذات الثلاثة تريليونات دولار، كان أحمد الجلبي على الصفحة الأولى لمجلة «التايمز» مؤخرا، شريك المحافظين الجدد الكتوم، في اختيار مبدئي ومزيف ليحل محل «صدام حسين».
حيث كتب رود نوردلاند قائلا: «لقد استولى على ملايين الدولارات من الاستخبارات المركزية الأميركية، وأسس ثم اتهم بالاحتيال على ثاني أكبر البنوك الأردنية وباع لإدارة الرئيس بوش قائمة بأسلحة الدمار الشامل الموجودة في العراق». ومع ذلك يعد الجلبي مرشحا جديا لرئاسة الوزراء في العراق.
وكتب ريتشارد بونين، منتج «60 دقيقة»، في كتابه عن الجلبي بعنوان «سهام الليل»، حول ذلك الشيعي العلماني الذي تمكن من التلاعب بواشنطن للتخلص من صدام حسين، معتقدا أنه يمكنه العودة لتولي مكانه: «لم تكن هناك شخصية أجنبية شاركت بكل حسم في قرار الولايات المتحدة الدخول في الحرب أكثر من الجلبي».
عندما سأل بونين الجلبي من استخدم من، في تحالفه غير المقدس مع المحافظين الجدد الذين سخروا منه في وقت لاحق، أجاب الجلبي: «لقد كانت مصالح مشتركة، وتقاربا في المفاهيم حول المستقبل».
عندما تعتقد أن انهيارنا في العراق لا يمكن أن يكون أكثر اشتعالا، يكشف جيمس رايزن من مجلة «التايمز» عن أن تحقيق وزارة الخارجية حول لواء الحماية التابع لشركة بلاكووتر الذي خرج عن السيطرة، وقام الدبلوماسيون الأميركيون في بغداد بالتغطية عليه ثم التخلي عنه عقب تهديد كبير مديري شركة بلاكووتر بأنه سوف يقتل كبير محققي الحكومة، ولن يفعل أو يستطيع أحد أن يفعل شيئا حياله، تماما كما كنا في العراق.
في سؤال وجه إلى لورانس ويلكرسون، المساعد السابق النادم لكولن باول، على شبكة «هافبوست لايف»، حول ما إذا كان تشيني فاسد الأخلاق أو غير أخلاقي، فأجاب قائلا: «غير أخلاقي».
وأضاف: «إن فساد الأخلاق أمر يمكن مطاردته، وفحصه، وموازنته. أما اللاأخلاقية فهي شأن مختلف تماما، وخصوصا عندما تستغل سياسة الخوف حتى تتمكن من تنفيذ أهداف الدولة، وهو ما كان يصنعه ديك تشيني تماما».
على الأقل وجد المحافظون الجدد أسلحة الدمار الشامل التي كانوا يبحثون عنها - الخطاب المتبجح المشوه.
* خدمة «نيويورك تايمز»