كونور سين
TT

يمكن للشركات فعل الكثير بالقليل من الموارد

مع انخفاض معدل البطالة لأدنى نسبة يسجلها على مستوى العالم، تحاول الشركات بشكل كبير زيادة النمو الاقتصادي خارج نطاق القوى العاملة الحالية بدلاً من التوظيف. وقد يرجع ذلك بنتائج عكسية، كما هو واضح في اتجاهات العمالة في المجالات التي يجري مراقبة الأداء فيها عن كثب. ورغم الصعوبات الثقافية الماثلة، فإن التغيير الأفضل سيكون عبر زيادة عدد العمال الذي يقضون عدداً أقل من الساعات في العمل.
يعتبر «فعل الكثير بالقليل المتاح» هو رد الفعل النموذجي لدى الشركات كلما كانت العمالة نادرة أو وقع انخفاض في الإيرادات. وإن قرر صاحب العمل تسريح الموظفين، فإن ذلك يعني اضطلاع العمالة الباقية بالمزيد من المسؤوليات. والشركات، التي يفترض منها تحريك الأداء، تفعل عكس ما يحدث في المجالات التي يجري قياس أداء الموظفين فيها بشكل مكثف.
على سبيل المثال، هناك الرماة في دوري البيسبول الرئيسي. كان رصد عدد الرميات من الإجراءات العملانية القياسية في رياضة البيسبول لعدة سنوات، ونادراً ما يُسمح للرماة بالرمي لعدد يتجاوز 100 رمية في مباراة واحدة. وعدد الرميات المرتفع يؤدي إلى انخفاض الفعالية وارتفاع خطر التعرض للإصابة. ومما يُضاف إلى ذلك كانت الفكرة الجديدة عن عقوبة «المرة الثالثة خلال نظام الضرب»، وهي النظرية القائلة بأنه عندما يرى الضاربون الرامي للمرة الثالثة في مباراة واحدة فإنهم أكثر نجاحاً.
وبعيداً عن المجال الرياضي، فإنه من الموثق بصورة جيدة أنه في مجال الرعاية الصحية، يتخذ موفرو الخدمات الصحية أسوأ القرارات كلما طال أمد المناوبات التي يعملون فيها. وليس هناك من اختلاف معرفي (إدراكي) بين الطبيب الذي ظل يعمل لمدة 24 ساعة متواصلة وبين الطبيب المترنح من أثر احتساء الكحوليات. الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وأسوأ النتائج المحتملة بالنسبة للمرضى.
وقدم آرون إدلهايت حجة مماثلة في كتابه المنشور حديثاً تحت عنوان «الراحة الصعبة»، حيث يقول إن الموظفين من أصحاب الياقات البيضاء (موظفي المكاتب) يكابدون العناء في ثقافة الهواتف الذكية ينبغي عليهم أن يأخذوا راحة تامة ليوم واحد في الأسبوع. ولقد كان يفعل ذلك بنفسه لما يزيد على عشر سنوات كاملة، وخلص إلى أن ذلك يؤدي إلى تحسين حالته المزاجية ويمنحه الوقت الكافي لأن يكون حاضراً مع عائلته، وأن الراحة الثابتة والمتوقعة تساعد على إذكاء الإبداع وزيادة الإنتاجية.
وبصرف النظر عن مقدار الأدلة المتوفرة لدينا على أن هناك نتائج متناقصة بشأن ساعات العمل وفوائد واضحة بشأن الراحة والوقت المستقطع من العمل، فإن الشركات دائماً ما تميل إلى الاعتقاد بأن ساعات العمل تساوي مقدار الإنتاجية، وأن وقت الراحة المستقطع يتساوى مع الإنتاجية المفقودة. ولكن على غرار بعض الفرق الرياضية التي ليست لديها إلا خيار ضئيل، فإن أسواق العمل المقيدة قد تدفع أرباب الأعمال إلى التودد للعمال، الأمر الذي قد يؤدي عن غير قصد إلى زيادة الإنتاجية.
وفي ظل وجود المزيد من بدائل التوظيف، يميل العمال إلى اختيار أرباب الأعمال الذين يوفرون المزيد من الوقت والتعويض المرتبط بالأداء بدلاً من الاستعداد للمكوث في المكتب لمدة 60 ساعة أسبوعياً. وأرباب الأعمال الذين يبحثون عن العمال المستعدين للالتزام بجداول العمل المرهقة يجدون صعوبة بالغة في جذب المواهب والاحتفاظ بها.
ومن وجهة النظر الاقتصادية الموسعة، في حين أن معدل البطالة في أدنى مستوياته، فإن مشاركة القوى العاملة لا تزال ضعيفة مما كان عليه الأمر في فترات الذروة الاقتصادية السابقة. وقد يكون هناك عدد أكبر من الناس الذين يمكن أن نشجعهم للانضمام إلى القوى العاملة بدوام جزئي وبطريقة منتجة، هذا إن كان أرباب الأعمال سوف يصبحون أكثر إبداعاً وابتكاراً في أداء أعمالهم.
وإن كانت الشركات لا تدرك ذلك، فسوف يدفعون، بطريقة أو بأخرى، الثمن الناتج عن فقدان الإنتاجية والإيرادات.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»