جمال الدين طالب
كاتب وصحافي في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

ميسي.. و«إفلاس» الأرجنتين!

قد تكون الأنظار في الأرجنتين وفي أنحاء عدة من العالم على المنتخب الأرجنتيني المشارك في كأس العالم في البرازيل بنجومه اللامعين، وفي مقدمتهم القائد ميسي، لكن الأسواق العالمية ووكالات التصنيف الائتماني ومحافظي المصارف المركزية، يتابعون باهتمام مآلات قضية إعلان الحكومة الأرجنتينية الأسبوع الماضي أنها لن تتمكن من سداد الدفعة المقبلة من ديونها التي جرت إعادة هيكلتها والتي تُستحق بنهاية هذا الشهر يونيو (حزيران)، وذلك بسبب قرار قضائي أميركي تنفيذي، في مدينة نيويورك، يلزمها بدفع 1.3 مليار دولار لصندوقين استثماريين «انتهازيين»، وذلك بعد نزاع قضائي طويل مرتبط بإفلاس هذا البلد في 2001.
والمقصود باصطلاح «صندوق استثماري انتهازي» ذلك الصندوق الذي ينتهز ضائقة بلد متعثر ماليا وغير قادر على سداد ديونه، بشراء هذه الديون بثمن بخس جدا، على أمل أن يقوم لاحقا باستعادة الديون كاملة، أو استعادة جزء كبير منها. وهذا ما قام به الصندوقان «إن إم إل كابيتال» و«أورليوس مانجمنت» اللذان جاء الحكم القضائي الأميركي لصالحهما.
وهذان الصندوقان هما جزء من مجموعة جهات دائنة خاصة تملك مجتمعة سبعة في المائة من ديون الأرجنتين، ورفضت قرار شطب 70 في المائة من الدين الأرجنتيني بموجب اتفاقات توصلت إليها بوينس آيرس مع بقية الدائنين لإعادة هيكلة ديونها بين عامي 2005 و2010 بعد أزمة تخلف البلاد عن السداد في 2001.
وقالت وزارة الاقتصاد الأرجنتينية إن هذا الحكم يجعل من «المستحيل» بالنسبة لبوينس آيرس أن تسدد في نيويورك بحلول 30 يونيو المستحقة عليها لهذين الصندوقين ما لم يدفعوا في نفس الوقت كامل المبلغ الذي تطالب به الصناديق الانتهازية الأخرى. وقدرت وزارة الاقتصاد الأرجنتينية هذا المبلغ بـ15 مليار دولار.
وإذا لم تدفع الأرجنتين مستحقات ديونها في آجالها لكل من مالكي ديونها المُهَيكلة والصناديق الانتهازية، ستجد نفسها بعد فترة سماح مدتها شهر واحد، أي في نهاية يوليو (تموز) المقبل، في حالة تخلف عن السداد مجددا، أي عمليا تعلن عن «إفلاسها» مثلما حدث في 2011.
وفي نهاية مايو (أيار) الماضي كانت الأرجنتين قد توصلت إلى اتفاق مع الدول الأعضاء في نادي باريس للدائنين لتسوية مستحقات ديونها المتأخرة والبالغة نحو عشرة مليارات دولار، وذلك خلال فترة خمس سنوات.
غير أن عملية سداد الأرجنتين لدفعات قروضها التي أُعيدت هيكلتها تمر عبر نيويورك، مثلما تنقل وكالة الصحافة الفرنسية، وهناك خطر بأن تتم مصادرة هذه الأموال من قبل القضاء الأميركي لتسديد مستحقات الصندوقين الانتهازيين. وتقول الأرجنتين إنها تريد التفاوض مع «الصندوقين الانتهازيين» في مسعاها لعدم الوصول إلى مرحلة التخلف عن السداد بكل ما لذلك من آثار اقتصادية وسياسية على البلاد. وهذا ما أكدته رئيسة البلاد كريستينا كيرشنر، التي اعتبرت الحكم القضائي الأميركي ضد بلادها بأنه «ابتزاز».
عين على ميسي ورفاقه، وأخرى على «إفلاس» الأرجنتين.. هكذا سيكون المشهد فيما يبدو بنهاية هذا الشهر وبنهاية مونديال البرازيل!.

[email protected]