جمال الدين طالب
كاتب وصحافي في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

«فقاعة» عالمية!

حذر صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع الماضي من مخاطر تشكل فقاعة عقارية في سوق الإسكان العالمي قد تكون لها عقبات مدمرة على الانتعاش الاقتصادي العالمي، الذي ما زال ينفض عنه غبار الأزمة المالية العالمية، التي انفجرت في 2008 بسبب انهيار سوق الإسكان في الولايات المتحدة الأميركية بفعل الرهون العقارية عالية المخاطر.
وقد أكد الصندوق في دراسة له أن أسعار المساكن في الكثير من بلدان العالم أعلى بكثير من معدلاتها التاريخية. وعد الصندوق هذا الصعود القياسي في أسعار المساكن أخطر تهديد لاستقرار الاقتصاد العالمي، ودعا الحكومات إلى مواجهته بحزم وبقرارات سريعة.
وذكر مثلا أن أسعار المساكن في كندا، أعلى بنسبة 33 في المائة مقارنة بمعدل المداخيل وأعلى بنسبة 87 في المائة مقارنة بالإيجارات، أما في بريطانيا فإن نسبة أسعار المساكن مقارنة بالمداخيل تصل إلى 27 في المائة، في حين تصل نسبة أسعار المساكن مقارنة بالإيجارات إلى نسبة 38 في المائة.
وإن كان هناك بلد يثير فيه النقاش حول سوق الإسكان وبأبعاد عالمية فهو بريطانيا التي تجذب المستثمرين من كل أنحاء العالم، وفي مقدمتهم العرب.
وكان صندوق النقد الدولي حذر في بداية هذا الشهر الوزير البريطاني جورج أوزبورن من أن تسارع نمو أسعار المساكن وتراجع الإنتاجية قد يشكلان أكبر تهديد للتعافي الاقتصادي لبريطانيا. وشدد الصندوق على أن ارتفاع قيمة العقارات قد يجعل الأسر أكثر عرضة لصدمات الدخل ومعدل الفائدة، كما دعا «بنك إنجلترا» لاتباع تدابير سياسية «في وقت مبكر وبشكل تدريجي» لتجنب فقاعة الإسكان.
وكان محافظ بنك إنجلترا المركزي، مارك كارني، استبق صندوق النقد الدولي وأطلق الشهر الماضي أقوى تحذير له بشأن مخاطر تكون فقاعة في سوق الإسكان في بريطانيا، وقال إن صناع السياسات يسعون لأخذ إجراءات جديدة لكبح جماح الرهن العقاري.
وقبل ثلاثة أيام فقط قال كارني، إن أسعار الفائدة البريطانية قد ترتفع في موعد أقرب مما تتوقعه الأسواق المالية، مرسلا أقوى إشارة إلى أن «المركزي» البريطاني قد يبدأ تشديد السياسة النقدية في غضون أشهر.
ويحتدم الجدل في بريطانيا حول هذه التحذيرات من مخاطر تشكل فقاعة جديدة في سوق الإسكان مع الارتفاع «الجنوني» الذي تعرفه أسعار المساكن، حيث قفزت في لندن وحدها بأكثر من 16 في المائة خلال عام حتى أبريل (نيسان) الماضي.
وبحسب تقرير، فإن متوسط سعر المساكن في بريطانيا زاد بمبلغ يقارب العشرة آلاف جنيه إسترليني (نحو 16 ألف دولار أميركي) في شهر أبريل الماضي وحده، وهو أعلى ارتفاع شهري سجل في تاريخ بريطانيا.
وتقود العاصمة لندن الارتفاعات القياسية، غير أن اللافت أن الصعود «الجنوني» فيها لم يعد يقتصر على الأحياء الراقية في وسطها وذلك بسبب إقبال المستثمرين الأجانب عليها، ومن بينهم العرب، إنما امتد إلى ما يعد أفقر منطقة فيها وهي تاورهاملت، حيث قفزت الأسعار المطلوبة لشراء المساكن في المنطقة بنسبة فاقت 43 في المائة.
واللافت أنه في حين يحذر صندوق النقد من مخاطر فقاعة عقارية عالمية مع الارتفاع القياسي لأسعار المساكن في دول متقدمة وأخرى ناشئة، فإنه يشير إلى أن بعض البلدان ما زالت الأسعار فيها تتراجع، وخصوصا في جنوب أوروبا، حيث تراجعت في اليونان بنسبة سنوية بلغت سبعة في المائة، وفي إيطاليا بنسبة 6.6 بالمائة وإسبانيا بنسبة خمسة في المائة.

[email protected]