روجر كوهين
كاتب, نيويورك تايمز
TT

خريطة طريق لإصلاح «فيسبوك»

أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لـ«فيسبوك»، الأسبوع الماضي، أنه سيخصص عام 2018 لإصلاح المشكلات المرتبطة بالموقع التي تمكن العناصر المارقة من إحداث أضرار، مثل التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. وباعتباري المعلم والموجه السابق لزوكربيرغ، أثني على هذا الالتزام الذي أعلنه وأود أن أعرض على صديقي خريطة طريق من أجل حماية ديمقراطيتنا.
كانت المرة الأولى التي لاحظت أن العناصر الشريرة تستغل «فيسبوك» مطلع عام 2016. وحينها، اتصلت بزوكربيرغ وشيريل ساندبيرغ، المسؤولة عن التشغيل في «فيسبوك»، قبيل انعقاد الانتخابات. وقضيت أربعة أشهر في محاولة إقناع القائمين على «فيسبوك» بأن نظام اللوغاريتمات والإعلانات التجارية التي يقرونها عرضة للاستغلال من قبل عناصر شريرة. إلا أنهم بدوا مترددين إزاء قبول النتيجة التي خلصت إليها آنذاك ومضوا في إنكار هذا الأمر حتى نهاية عام 2017. ولا تزال الشركة تؤكد حتى يومنا هذا أنها غير مسؤولة عن تصرفات أطراف ثالثة عبر الموقع.
في الواقع، أتفهم أنه في بادئ الأمر كان من الصعب على إدارة «فيسبوك» تصديق أن منتجها معيب، لكن اليوم لم يعد هناك مبرر لعدم التحرك.
إن ما نحتاج إليه من زوكربيرغ الإقرار بأن «فيسبوك» يتحمل بعض المسؤولية عما يفعله الآخرون من خلاله، وأنه على استعداد لإجراء تغييرات جوهرية للحد من أي أضرار مستقبلية. وربما يشكل الإعلان الصادر هذا الأسبوع بإدخال تغييرات على إعدادات الإشعارات خطوة إيجابية، لكنه ليس حلاً، بل ولو كان هذا التغيير قائماً منذ عام 2016. ربما كان ليفاقم التدخل الروسي عبر زيادة مساحة تعرض مستخدمي «فيسبوك» لمعلومات مضللة.
من جانبي، أوصي «فيسبوك» بالاحتذاء بحذو شركة «جونسون آند جونسون» خلال أزمة التسمم بالتيلينول عام 1982. ومع أن «جونسون آند جونسون» لم تتورط في العبث بالدواء الذي تسبب بالوفيات، ولم تكن مطالبة فنياً بتحمل المسؤولية، فإنها أدركت أن هذا الإجراء الصائب الواجب اتخاذه. وعليه، اتخذت الشركة بالفعل إجراءات فورية وقوية لحماية عملائها. وعليه، سحبت جميع عبوات «تيلينول» من جميع منافذ بيع التجزئة وأعادت تصميم التغليف للعبوات على نحو يحول دون التلاعب بها. وقد كبد هذا الإجراء الشركة تكلفة اقتصادية كبيرة على المدى القصير، لكنها نجحت في المقابل في بناء ثقة كبيرة مع عملائها نجحت في نهاية الأمر في تعويض ما تكبدته.
وسيراً على نهج هذا النموذج، نجد أن الخطوة الأولى التي يتعين على «فيسبوك» اتخاذها الاعتراف بوجود مشكلة. وقد فعل زوكربيرغ هذا الأمر بالفعل عبر مدونته. أما الخطوة التالية أمام «فيسبوك» فهي الاعتراف بأن نموذج اللوغاريتمات والإعلانات التجارية الذي يعتمد عليه الموقع يستدعي هجمات من قبل عناصر مارقة. ومن خلال منح المستخدمين فقط «ما يريدونه»، يعزز «فيسبوك» الأفكار القائمة ويزيد تطرفها ويجعل من الصعب على المستخدمين تقبل الحقائق غير اللطيفة. وبذلك، فإنه بدلاً من تقريب المسافات بين الناس، يدفعهم «فيسبوك» بعيداً عن بعضهم بعضا.
واللافت أن الأدوات نفسها التي تدفع المستخدمين لإدمان «فيسبوك» وتجعله على درجة بالغة من الفاعلية بوصفه وسيلة إعلانية، تجعله خطيراً في أيدي العناصر الشريرة. وبسبب الميكنة، ليس بمقدور «فيسبوك» حالياً منع هذا الضرر، وإنما سيستمر في الحدوث مراراً حتى يتخذ «فيسبوك» إجراءات فاعلة وقوية على هذا الصعيد. الحقيقة أنه من غير الممكن إصلاح هذه المشكلة من خلال الاستعانة بمقاولين لمراجعة المنشورات المثيرة للقلق، وإنما تحتاج الشركة إلى تغيير أولويات برنامج اللوغاريتمات الخاص بها وإعادة تصميم نموذج الإعلانات التجارية لديها. باختصار، إنها بحاجة للتصرف على غرار «جونسون آند جونسون».
إضافة لذلك، يدين «فيسبوك» لمستخدميه باعتذار شخصي، ذلك أنه بسبب الإهمال الذي مارسه القائمون على الموقع تعرض 126 مليون أميركي للتلاعب من قبل روسيا ولم يدرك غالبيتهم ذلك. ومن أجل التكفير عن هذا الخطأ، يجب أن تتواصل «فيسبوك» مع كل مستخدم مسه التدخل الروسي في الانتخابات عبر رسالة شخصية تشرح خلالها كيف جرى التلاعب من خلال الموقع وكيف أضر بالمستخدمين والبلاد. وينبغي أن تتضمن الرسالة نسخة من كل منشور أو مجموعة أو حدث أو إعلان تلقاه كل مستخدم، خاصة أن «فيسبوك» الكيان الوحيد القادر على الوصول إلى المستخدمين الذين وقعوا أسرى لمثل هذه التدخلات. من جانبه، تقدم السيناتور ريتشارد بلومنتال، عضو الحزب الديمقراطي، بهذا الطلب منذ شهور. وجاءت استجابة «فيسبوك» في صورة بوابة إلكترونية يصعب الوصول إليها وغير مناسبة. وأخيراً، ينبغي أن يتطوع زوكربيرغ لتقديم شهادته خلال جلسة استماع مفتوحة أمام الكونغرس، ذلك أن البلاد بأكملها بحاجة إلى الاستماع إليه وهو يشرح استراتيجية «فيسبوك» وتبريره لفرضه تحمل المسؤولية عما فعلته عناصر شريرة عبر الموقع.
والخلاصة أن «فيسبوك» بتصميمه الحالي عرضة لإساءة استخدامه من جانب عناصر شريرة. وإذا لم تتخذ إدارة «فيسبوك» إجراءات فورية لتغيير ذلك، فسنشهد المزيد من مثل هذه التجاوزات الفترة المقبلة. والآن، أمام زوكربيرغ وساندبيرغ حرية الاختيار بين دوري البطل والشرير.
* المدير الإداري لشركة «إليفيشن بارتنرز» وكان من أوائل المستثمرين في «غوغل» و«فيسبوك»
* خدمة «واشنطن بوست»