محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

أبيض وأسود بالألوان: الممثل والنجم

عندما جلست لأكتب زاوية هذا الأسبوع، قررت أن أطوف على بعض آخر الأخبار في عالم، ما يُسمّى بـ{الفن}. ها هي عربة الزمن المسمّاة بالكومبيوتر تنقلني من السعودية إلى المغرب ومن لبنان إلى مصر مرورا بالكويت والإمارات وحتى تونس والكرسي لم يسخن بعد من تحتي.
لكن هذا التماوج المكاني مع القدرة على اختراق المسافات بثوان من الزمن هو التقدّم الوحيد الذي لاحظته في ربوع الفن. ما بقي ما زال على {حطة إيدك} كما نقول.
لم يتغيّر كثيرا من عام إلى آخر، وربما لو وجّهنا العربة التي نركبها صوب الأمس البعيد، لوجدنا أنه لم يتغير كثيرا من ذلك الحين أيضا.
ما زالت العناوين، على الأقل، هي ذاتها: الفنان فلاني يقرر أنه لم يسرق أغنية كذا من فلان! والممثلة التي لا نراها كثيرا هذه الأيام تقول إنها تختار أدوارها بعناية.
أما المخرج الذي فشل في نيل جائزة، فما زال يرى أن {جائزته الكبرى هي الجمهور}. وعطفا على الجميع نقرأ أن الممثل الشاب قد انتقل من مرحلة {الانتشار} إلى مرحلة {الاختيار}، كما لو أن بين المرحلتين حدودا مع طاقم من رجال الشرطة يدققون بجواز سفر فني يقرر ملامح المرحلة الأولى وعلى أساسه يُمنح الفنان حق دخول المرحلة الثانية أم لا.
كلها والكثير عداها هي مجرد عناوين لا تزال فئة من الفنانين ووكلاء أعمالهم من موزّعي الأنباء حولهم، يعتقدون أنها لافتة.
طبعا بعض الصفحات الفنية على مواقع الإنترنت وفي المجلات المهتمّة بشؤونهم تمنح هذا الاعتقاد أرضية مناسبة، فإذا بالخبر هو ذاته من سنة إلى سنة، أحيانا كل ما تحتاجه هو تغيير أسماء {الفنانين} وفي أحيان أخرى لا داعي حتى لذلك فالفنان سبق له أن صرّح بهذا الأمر أو بنقيضه.
المسعى في النهاية هو البقاء في العناوين وتغريدات تويتر وصفحات فيسبوك. بذلك الجميع بات نجما ما. حتى إن هناك بين القرّاء من يعتقد أنه نجم على هذا الصعيد وها هو يُكثر من التعليقات (التي هي حقّه طبعا) على اعتبار أن الجمهور يقرأ له كما يقرأ عن هيفاء وهبي.. إذن هو وهيفاء وهبي شريكان في المرتبة على الأقل!
على ذلك، هيفاء وهبي أو راغب علامة أو يسرا أو آسر ياسين أو كارول سماحة نجم، وهو لا. فما هي خصوصيات النجم الفعلية؟ أو من هو النجم الحقيقي؟
الجواب مموّه. فبالنسبة لكثيرين اليوم يعتقدون أنه سهل: هو الفنان (وغير الفنان في مجالات أخرى) الذي تتناقل وكالات الأنباء أخباره وتلاحقه عدسات المصوّرين وتتهامس باسمه الشفاه.
لكن ماذا عن نجومية الإبداع ذاته؟ هل كل من واجه مقدّم أحد البرامج التلفزيونية في مقابلة ما نجم لأنه مشهور؟ هل الشهرة تؤدي إلى النجومية في كل الأحوال؟ هل كل من صدح بصوته صار نجما؟ أهو فنّان فعلي أساسا؟
للأسف التعميم ينشر غبارا فوق المسمّيات. ذات مرّة قاطع الممثل مايكل كاين صحافية بدأت سؤالها الأول بالقول {أنت نجم كبير..} قائلا لها {أنا ممثل وأنا هنا كممثل، فاسأليني كممثل}. بذا، بات من السهل والمحبب استخدام كلمة {نجم} لكي تصف كل من له حضور من الصوت والصورة، بصرف النظر عن كم هو مؤهل، كموهبة وكخبرة، ليكون نجما.