علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

978 فقط

هذا الرقم في العنوان ليس رقماً يمكن الاستنجاد به مثل أرقام البوليس أو الإطفاء أو الإسعاف أو غيرها من الأرقام الثلاثية التي تقدمها الجهات المقدمة الخدمات للجمهور، ولكنه رقم للموازنة السعودية التقديرية للعام المقبل التي بلغت 978 مليار ريال (وتمثل 266 مليار دولار) لست من محبي تعبيرات صيغ المبالغة مثل أفضل وأحسن ولكن هذه الموازنة تفرض علي أن أقول إنها أكبر موازنة في تاريخ السعودية وزيادة على هذه الموازنة الضخمة فقد صرح ولي العهد السعودي بأن الإنفاق في العام المقبل سيصل إلى 1.1 تريليون ريال (393 مليار دولار) مما يعني أن الموازنة توسعية.
ليس هذا ما يهمني، ما يهمني أن هذه الموازنات ستسلم للجهات مثل التعليم والصحة والبلديات وغيرها وستوزع على جهات أصغر، فمثلا في موازنة وزارة البلديات سيخصص موازنة للأمانات وقس على ذلك. الحكومة عازمة على ضبط الإنفاق وهذه سياسة معلنة فكل ما أتمناه أن يكون هناك كفاءة في الإنفاق من قبل الجهات الحكومية فبالتجربة هناك هدر للإنفاق وتتجلى قمة هذا الهدر في الربع الأخير من العام إذ يلتفت مسؤولو الجهاز إلى مدير الإدارة المالية لديهم ثم يبدأون بانتداب أنفسهم وهم على مقاعدهم الوثيرة في الدائرة ثم بانتداب الموالين لهم من الموظفين، إضافة إلى العمل الإضافي، بعد ذلك يلتفت المسؤول إلى السيارات ويبدأ بتغييرها رغم حداثتها فإذا بقي هناك فائض يقوم مسؤولو الجهاز بترميم مكاتبهم وتغيير أثاثها، وأنا لست ضد ذلك متى ما كانت المكاتب تحتاج إلى ترميم أو أن كل ما ذكرت تم صرفه على وجه حق، ولكن ما يحزنني أن ما يحصل في نهاية كل عام هو هدر مالي مقنن وقد يبخل على موظف بجهاز حاسب آلي لا تتجاوز قيمته 3750 ريالا (ألف دولار) يكون العمل بحاجة إلى هذا الحاسب، ورغم ذلك يشترى لموظف آخر سيارة بأكثر من نصف مليون ريال.
بعد أن سلمت القيادة الأجهزة الحكومية كل هذا المال بقصد تحريك الاقتصاد والتنمية، فإن من واجب الجهات الرقابية أن تقوم بدورها وأنا أظن أن الجهات الرقابية في السعودية لم تقم بدورها كما يجب وكانت تفضل المجاملة وعدم الاحتكاك مع الوزير أو رئيس الجهاز وتفضل السلامة والعلاقات العامة على ضبط الهدر المالي.
في حساب المواطن تم ضبط هدر ما يقترب من 400 مليار ريال (106 مليارات دولار) كانت تصرف معونات ودعما للسلع الرئيسية والخدمات الرئيسية أيضا مثل الكهرباء والماء وكان يستفيد من هذا الدعم من يستحق ومن لا يستحق فجاء حساب المواطن ليوصل الدعم لمستحقيه فقط وخصص له في الموازنة 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، وبهذه الطريقة تم الضبط الإنفاقي بمبلغ 370 مليار ريال (98.6 مليار دولار) فهل نفكر في قوانين وطرق جديدة لمعالجة الهدر المالي الحكومي لنتفق مع سياسيات القيادة أم نترك الأمر كما كان؟