د. شملان يوسف العيسى
كاتب كويتي
TT

المرأة والرياضة

أشادت عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى السعودي الدكتورة إقبال درندري بقرار السماح للنساء بدخول الملاعب وحضور المباريات، وطالبت بإنشاء أندية رياضية للنساء تهيئ لهن ممارسة الرياضة، وأن تقوم الأندية السعودية الكبيرة بافتتاح نادٍ نسائي لكرة القدم.
تأتي مطالبة عضو مجلس الشورى السعودية الآن لممارسة المرأة الرياضة خطوة في الطريق الصحيح، خصوصاً أن المملكة العربية السعودية تشهد هذه الأيام تغيرات جذرية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كلها بقيادة الأمير محمد بن سلمان، وبدعم كامل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
تقرير التنمية الإنسانية لعام 2005 والخاص بالمرأة في العالم العربي يؤكد أن نهوض المرأة كحالة من الكمال المجتمعي في مجتمع الحرية بالقضاء على جميع أشكال الانتقاص من الكرامة الإنسانية، وأن الغاية الأسمى لنهوض المرأة في العالم العربي والمبدأ الناظم الأول له هو تمتع النساء جميعهن بكل مكونات منظومة حقوق الإنسان على قدم المساواة مع الرجال، وأشار التقرير إلى معاناة النساء العربيات من البدانة / زيادة الوزن بمعدلات أعلى من الرجال في جميع البلدان العربية التي توفرت فيها بيانات.
ورغم الظروف الصعبة التي تواجه المرأة تمكنت نساء من البلاد العربية من تحقيق أرقى مراتب الإنجاز في مضمار الرياضة على الصعيد العالمي، ونالت بنات المغرب ميداليات ذهبية في مجال ألعاب القوى مما يدل على مقدرة النساء العربيات على تحقيق إنجازات عالمية لو أتيحت لهن الفرصة.
السؤال ماذا عن نساء الخليج والرياضة؟
لا يوجد أي اهتمام جاد بالرياضة النسوية في الخليج، والمحاولات الأولية التي جرت في الكويت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي بإشراك النساء في الأنشطة الرياضية على نطاق محدود بدأت تنحسر تدريجياً بسبب المد الديني الذي اجتاح الكويت... فالمرأة الخليجية اليوم تحتاج إلى وعي مجتمعي، وإلى برنامج متكامل لكي ترتقي إلى مستوى يؤهلها لأخذ موقعها المناسب بانطلاقة تضعها في الطريق الصحيح نحو رياضة نسوية متطورة تليق بنساء العرب والخليج.
لكي تتطور الرياضة النسوية في الخليج مطلوب منا مراجعة جادة لواقعنا الاجتماعي الذي يحاصر المرأة ويضع القيود عليها، باسم الدين تارة وباسم العادات والتقاليد تارة أخرى.
وقد جرت محاولات جادة لإنشاء دورات نسائية خليجية للرياضة، وترأست نساء خليجيات من نخبة المجتمع اللجنة العليا للدورات الخليجية الرياضية... لكن هذه المحاولة النخبوية لم تحقق المشاركة النسائية المطلوبة على مستوى الخليج.
تردي الوضع الصحي للنساء في بعض دول الخليج دفع منظمة الصحة العالمية للتأكيد بأن العوامل الثقافية تلعب دوراً كبيراً في التغلب على المشكلات الصحية التي تواجه المرأة الخليجية... فهي بحاجة ماسة لتغيير ثقافتها فيما يخص صحتها.
الجيل الجديد من النساء في الخليج بدأ يستوعب ويواكب المتغيرات الداعية إلى ممارسة الرياضة وإنشاء أندية رياضية خاصة بهن بسبب تفشي أمراض السمنة والسكري، بالإضافة إلى أمراض السرطانات، حيث كشفت الدكتورة ابتهال الريفي المستشارة الإقليمية للأمراض المزمنة في منظمة الصحة العالمية أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي في العالم العربي تتراوح ما بين 43 – 46 في المائة، وأشارت إلى أن المملكة تأتي في المرتبة الرابعة في نسبة الإصابة بسرطان الثدي فيما تحتل البحرين المرتبة الأولى تليها الكويت ثم قطر، ويعود السبب إلى نوعية التغذية والسمنة والإكثار من السكريات.
وأخيراً نتساءل هل هنالك إمكانية لتزايد مشاركة المرأة العربية في الرياضة بشكل فعال وحقيقي؟
واقع الحال يخبرنا بأن الأمة العربية بشكل عام تمر بمرحلة انهيار وتدهور على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالاهتمام بالرياضة اليوم في دول العالم العربي محدود ومحصور في المدن، حيث توجد بعض الأندية الرياضية الحكومية المحصور نشاطها في الرجال... لكن هنالك مبادرات خاصة من القطاع الخاص بإنشاء أندية رياضية متنوعة والاشتراك فيها مكلف.. ومشاركة النساء في هذه الأندية محدودة... فالنساء العربيات هن بشكل عام والخليجيات بشكل خاص اللاتي يشاركن في الأندية الرياضية الخاصة بهن نخبة المجتمع أو الطبقة الميسورة الحال. أما أغلبية النساء العرب فمعظمهن لا يمارسن الرياضة لاعتبارات دينية واجتماعية... بعض المدارس الحكومية لديها حصص مدرسية لممارسة الرياضة، وهذا لا يكفي لتحسين وضع المرأة ومشاركتها الرياضية.