د. سلطان محمد النعيمي
كاتب إماراتي
TT

خيارات ترمب بين النووي والسلوك الإيراني

مؤشرات ومعطيات مغايرة هذه المرة مقبلة من الإدارة الأميركية حيال الاتفاق النووي الإيراني وسلوك النظام الإيراني في المنطقة. فلطالما ظل ترمب ينظر إلى الاتفاق النووي الإيراني بوصفه أسوأ اتفاق مرّ على الولايات المتحدة، وبالتالي لا بدّ من تمزيقه. وعلى الرغم من ذلك، استمرت الإدارة الأميركية خلال مراجعاتها السابقة كل ثلاثة أشهر للاتفاق ومدى التزام النظام الإيراني به، مبقية على هذا الاتفاق وعدم الانسحاب منه.
القارئ يتساءل: ما الجديد الآن لدى ترمب؟ وما خياراته حيال الاتفاق النووي وسلوك النظام الإيراني في المنطقة؟
نسير في السطور المقبلة مع القارئ الكريم لاستشراف ما يمكن أن تفرزه المعطيات من قراءة استشرافية لاستراتيجية ترمب المقبلة للتعامل مع النظام الإيراني.
مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض تمّت مراجعة مدى التزام إيران بالاتفاق النووي، وجاءت نتائج تلك المراجعة التزام إيران بالاتفاق النووي. دفع ذلك الأمر إلى سحب ترمب صلاحية تلك المراجعة من وزارة الخارجية وإيكالها لمستشارين مقربين منه، الأمر الذي خلق حساسية بينه وبين وزير خارجيته تيلرسون. وعلى الرغم من موقف ترمب وتأكيده أن إيران تخرق روح الاتفاق النووي، فإنه وقع من جديد على قرار تعليق العقوبات المفروضة على إيران من قبل الولايات المتحدة، ولكن ومع اقتراب المراجعة الجديدة لمدى التزام إيران بالاتفاق جاءت تصريحات شخصية من ترمب تؤكد أن إيران غير ملتزمة بروح الاتفاق، وأن لديه سياسة جديدة لمواجهة النظام الإيراني وسلوكه المخرب في المنطقة، ما أعطى مؤشرات على نطاق واسع إلى انسحابه من الاتفاق النووي.
في مقابل الموقف الشخصي لترمب تجاه الاتفاق النووي، تأتي تصريحات مغايرة من إدارته تجلت في وزير الدفاع الذي أشار إلى أن بقاء أميركا على الاتفاق النووي يصبّ في مصلحة الأمن القومي الأميركي، وهو ما أشار إليه رئيس الأركان الأميركي أيضاً.
ما أشارت إليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية بأن ترمب رسم استراتيجية شاملة للتعامل مع إيران لا تقتصر على الاتفاق النووي فحسب، تدعمه بعض التقارير التي تشير إلى تبني ترمب استراتيجية أميركية أشد صرامة ضد إيران، بما في ذلك ضد سياسة طهران في سوريا والعراق، شارك في إعدادها وزارات الدفاع والخارجية والأمن القومي.
يتساءل القارئ ما إذا كانت هناك عراقيل ستقف في وجه إدارة ترمب واستراتيجيته المقبلة أم لا؟
الحقيقة أنه وفي ظل الالتزام الفني للنظام الإيراني حيال الاتفاق النووي الذي تدعمه تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، جاءت تصريحات بقية دول الـ5+1 مؤيدة الالتزام بالاتفاق النووي، يعزز ذلك حرصها على الاستفادة الاقتصادية من ذلك الاتفاق. وبالتالي يصبح موقف ترمب من مسألة الانسحاب من الاتفاق النووي أمراً غير مدعوم من بقية الدول الأخرى، ناهيك عن تباين وجهات النظر داخل الإدارة الأميركية ذاتها.
تزامن إعلان إدارة ترمب الاستراتيجية الشاملة لمواجهة إيران في تاريخ مراجعة الاتفاق النووي نفسه من قبل إدارته، وبالتالي فإن تلك الاستراتيجية ستأتي من منظور المتلقي لها بوصفها نتاجاً لالتزام النظام الإيراني من عدمه، وهو أمر تنظر له بقية دول الـ5+1 بإيجابية للنظام الإيراني والتزامه بالاتفاق.
من العوامل المعرقلة الأخرى لاستراتيجية ترمب الشاملة ضد إيران، أنها تتطلب جهوداً كبيرة وتنسيقاً مع بقية الدول للتأثير بشكل فعال على النظام الإيراني وسلوكه في مختلف الملفات، مضافاً إليه الأدوات التي يمتلكها النظام الإيراني، والتي جعلت قائد الحرس الثوري يضع الجيوش الأميركية في منزلة «داعش» في حال صُنف على أنه منظمة إرهابية.
المعطيات تشير إلى موقف صارم من قبل إدارة ترمب ربما لا يؤدي إلى الانسحاب من الاتفاق، كما أشارت إليه سفيرة أميركا في الأمم المتحدة، وإنما فرض مزيد من العقوبات على إيران من منطلق سلوكها السلبي في المنطقة وتجاربها الصاروخية، يقابله في ذلك تهديد ووعيد من قبل النظام الإيراني والحرس الثوري، فلمن الغلبة؟