محمد رُضا
صحافي متخصص في السينما
TT

يا فضيحتي!

غيبت فضيحةُ المنتج هارفي وينستين، إرهابَ ستيفن بادوك، عن العناوين الأولى في الصحف ووسائل الإعلام الأميركية سريعاً. هذا على الرغم من أن فضيحة المنتج المعروف أصابت، حسب التقارير، دزينة ونصف الدزينة من النساء اللواتي أصبن بالإهانة، أو عانين من آثار العدوان، بينما قتل بادوك 58 نفراً وجرح أكثر من 530 شخصاً بإطلاقه النار من بنادقه ورشاشاته من نافذة غرفته المنيعة.
هكذا تثبت هوليوود أنها تستطيع أن تحظى بالعناوين الأولى في أي وقت. كل ما هو مطلوب فضيحة من النوع الذي كانت ممثلات السينما المصرية في زمن مضى يصرخن حيالها بالصوت العالي: «يا فضيحتي»، ويصحب ذلك ضربة بقبضة اليد على الصدر.
وينستين أخطأ مرتين: في أفعاله المهووسة بلا ريب، لكن أيضاً لاعتقاده أنه رجل سُـلطة، والسُلطة تعفيه من المساءلة. الطريقة التي تحرّش فيها بضحاياه من موظفات وممثلات كانت كلاسيكية؛ دعوة بريئة المظهر لزيارة ثم ظهور غير بريء له يتسبب في هلع النساء أو سقوطهن في براثن رجل كان يملك لحين قريب القدرة على صنع أفلام ونجوم.
لكن هوليوود عرفت الفضائح طويلاً.
الذي حدث ويحدث وسوف يحدث هو أنها مدينة لصنع الأحلام، وتستهوي كل الفراشات الحالمة. صحيح ليس أن كل من فيها صائد فراشات (أو هل أقول صائد غزلان؟) لكن الصحيح أن فضائح كثيرة وقعت في تاريخها، وغالباً لأحد سببين: محاولة البعض للوصول إلى السُلطة (والنجومية هي سُلطة فعلية) أو قيام من في السُلطة من ممثلين أو مخرجين أو منتجين باستغلال المكانة والقدرة على رفع ممثل أو ممثلة ناشئة أو هدمه بأمر واحد. سابقاً بمذكرة ومكالمتين هاتفتين، (حالياً بكبسة زر على الكومبيوتر).
الغريب أن الذاكرة الجمعية ليست أفضل من الفردية، لذلك معظم الفضائح تتحول إلى نوع من «حدث ذات مرة....»، وتبدو كما لو كانت أساطير مستوردة من خيال ما. على ذلك، هناك العديد من الفضائح السابقة التي تجعل هوليوود تبدو نقيضاً للهالة الساحرة التي تتميز بها. التالي بعض الأمثلة:
• سنة 1932 أقدم بول بيرن، زوج النجمة جين هارلو على الانتحار... أو هكذا بدا. تحقيقات البوليس وجدت ثغرات في الأقوال، لكنه لم يستطع فك الطلاسم، ولو أنه ركّب الأحداث المؤدية، وهي أنه ارتبط بعلاقة مع عشيقة... العشيقة انتحرت بعده بتسعة أيام! هل قتل نفسه فعلاً أم أن جين...؟
• أول سوبرمان في السينما كان جورج ريفز الذي قيل أنه رمى نفسه من نافذة عالية بعدما صدّق أنه يستطيع الطيران. لكن الحقيقة أنه كان على علاقة بزوجة رجل على علاقة وثيقة بإحدى العصابات، وأن أفرادها هم الذين دفعوه.
• جودي غارلاند بدأت بمعاقرة الأدوية على أمل أن تخسر وزنها، وبعد ذلك انتقلت من الأدوية إلى المخدرات، لكن دور الاستديو في توجيهها صوب هذه النهاية مشهود، فهو أرادها نجمة رشيقة وهي فعلت ما في وسعها.
• وعلى جانب آخر، هناك رهطٌ من الممثلات اللواتي أقدمن بأمر من الاستديوهات على إجراء عمليات إجهاض في وقت كانت تلك العمليات ممنوعة بحكم القانون. علاقات خلف الأبواب لا تعرف لها نظاماً.
وهناك الكثير من هذه الفضائح وصولاً لفضيحة المخرج رومان بولانسكي المعروفة وما بعد. بعض الضحايا أبرياء مثل الكوميدي فاتي أرباكل الذي اتهم بالاغتصاب، ورغم أن المحكمة برأته، إلا أن الإشاعة هدمت مستقبله.