مارك والاس
* السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية» (يواني)
TT

مواصلة التركيز العالمي على سلوك إيران السيئ

في الوقت الذي تعقد فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الثانية والسبعين، تبقى إيران على حالها المعتاد، حيث يلوح التهديد النووي في الأفق. ولا تزال إيران ترتكب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان، وتبقى الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب. وبعد عامين من توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، والمعروفة أيضاً باسم الاتفاق النووي الإيراني، وقبل أسابيع من إصدار المصادقة عليها، لا تزال تطفو على السطح الأدلة المتعلقة بممارسات إيران الشائنة، وكذلك التساؤلات حول فاعلية خطة العمل الشاملة.
منذ تأسيسها في عام 2008، تعمل منظمة متحدين ضد إيران النووية UANI على ضمان أن تظل قضية إيران وطموحاتها النووية في مقدمة كل مناقشة للسياسة الخارجية. وتعهدت UANI، التي ولدت من قيادة السفير الراحل ريتشارد هولبروك والسفير دنيس روس وأنا، بوقف إيران عن تحقيق طموحاتها النووية، ومنع الكيانات الأخرى من دعم النظام بمساعدة اقتصادية ومالية.
الأسبوع الماضي، استضافت UANI مؤتمرها السنوي الثاني بشأن إيران، والذي دعت إليه تشكيلة متميزة من القادة الأجانب الحاليين والسابقين، والمشرعين والخبراء عن الشؤون الإيرانية لدراسة البيئة السياسية والاقتصادية منذ توقيع الاتفاق في 2015، مع التركيز على دور النظام في المنطقة، وعلاقته بكوريا الشمالية ومستقبل سياسة إيران في إدارة ترمب.
في يناير (كانون الثاني) من عام 2016، أشاد الرئيس أوباما بإبرام الصفقة مع إيران واعداً بأن «المنطقة والولايات المتحدة والعالم سيكونون أكثر أمناً». بعد ذلك بعامين تقريباً، ومع ذلك، تشير أدلة واضحة إلى أنَّ أيَّ أمل في تحقيق هذا الوعد قد تلاشى.
وعلاوة على ذلك، فإن وضع خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن إيران يثير شكوكاً أكثر من أي وقت مضى. وخلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، وصف الرئيس ترمب الاتفاق بأنه «إحراج» للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن الرئيس حسن روحاني نفى أن تكون بلاده أول من ينتهك الاتفاق في خطابه يوم الأربعاء، فإن المجتمع الدولي شهد أن إيران تنتهك بشكل متكرر روح الاتفاق، وخصوصاً قرار الأمم المتحدة رقم 2231 الذي ينص على الاتفاق.
وكما هو مكتوب، فإن الاتفاق الإيراني ليس سوى إجراء مؤقت بدلاً من التوصل إلى حل دائم للتهديد الذي يشكله البرنامج النووي للنظام. وتعني أحكام الاتفاق الواردة في خطة العمل الشاملة أن أربع سنوات من الآن، أي في عام 2021، ستتمكن إيران من نقل الأسلحة التقليدية دون أية قيود من الأمم المتحدة. بالإضافة، وبحلول عام 2024، سيتم رفع العقوبات الدولية عن برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية. وخلال عقد من الزمن، ستكون إيران حرة في استئناف تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي وإعادة معالجة البلوتونيوم.
وفي الوقت نفسه، حققت إيران بالفعل فوائد لا يستهان بها من خلال هذه الصفقة. فمع رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وضعت إيران يدها مجدداً على 100 مليار دولار أو أكثر كانت على صورة أصول مجمدة سابقاً، ومن المتوقع أن يرفع الاتحاد الأوروبي عقوبات أخرى في السنوات المقبلة. ويقوم النظام باستخدام هذه الأموال لتعزيز قواته العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى زيادة دعمه للوكلاء الخطرين في جميع أنحاء المنطقة.
وفي رسالة موجهة إلى الكونغرس في أبريل (نيسان) 2017، شدد وزير الخارجية ريكس تيلرسون على أن «إيران لا تزال الراعي الرئيسي للإرهاب، من خلال كثير من المنصات والأساليب». وفي أفغانستان، النظام الإيراني متهم بتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية لمقاتلي «طالبان». وفي لبنان وفلسطين، تمول إيران حزب الله وحماس ومنظمات إرهابية أخرى. وفي سوريا، تقدم إيران الدعم المباشر إلى الديكتاتور بشار الأسد، مع استمرار الحرب الأهلية المدمرة هناك والسماح باستمرار الأعمال الوحشية ضد المدنيين.
وكما قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس: «في كل مكان تنظرون إليه، إذا وجدت مشكلة في المنطقة، تجد (هناك) إيران».
وتمتد مشاركة إيران في أنشطة مزعجة تتجاوز حدود المنطقة. فمنذ وضع اللمسات الأخيرة على خطة العمل الشاملة، قام النظام باختبار ما لا يقل عن 16 صاروخاً باليستياً، والاشتباه في تقديمه المساعدة لبرنامج الصواريخ النووية لكوريا الشمالية. وفي وقت سابق من هذا الشهر أعلنت وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية أنها تحقق فيما إذا كانت «الدول النووية الحالية والسابقة» ساعدت كوريا الشمالية على تطوير تكنولوجيا الأسلحة النووية. وأفيد بأن إيران كانت على رأس قائمة البلدان المشتبه بقيامها بذلك.
وهناك موضوع دائم استمر طوال الاجتماعات المتعاقبة للأمم المتحدة وهو المشكلة التي يطرحها النظام الإيراني المتطرف والمزعزع للاستقرار. والاتفاقات المعيبة ليست الحل. ويجب أن يعمل مجتمع الأمم المسؤولة في نيويورك على إيجاد حلول تعالج هذا التهديد بصورة حقيقية.

*خاص بـ«الشرق الأوسط»
السفير الأميركي السابق
لدى الأمم المتحدة